"الابل المهرية" افضل سلالة منبع الأصالة وملهمة الشعراء تفهم ما يراد منها بأقل أدب تعلمه ولها أسماء إذا دعيت أجابت سريعاً. تتمسك محافظة "المهرة" بثقافة تربية "الإبل" العريقة المرتبطة بتاريخها وحضارتها القديمة ولم تؤثر عليها وسائل النقل الحديثة في وقتنا الحاضر. ومنذُ القدم يهتم العرب وخاصة سكان الصحراء بتربية الإبل التي كانت أفضل وسيلة للنقل في الصحراء وللاستفادة من منتجاتها كاللحوم والوبر واللبن، وتنافسوا في امتلاك السلالات الأصيلة والجيدة، ومن أشهر تلك السلالات الإبل المهرية وجمعها مَهارِيُّ ومَهارٍ ومَهارَى, وتُعد من خير مزايين الإبل. يذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان أن الإبل المهرية تنسب إلى قبيلة مَهْرةَ بن حَيْدانَ بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ولهم مخلاف باليمن. ويقول الزر كلي في كتابه الأعلام: "مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحافى، من قضاعة: جد جاهلي يماني. كانت بلاد بنيه في ناحية الشحر (بين عدن وعمان) على ساحل البحر، وإليهم تنسب الإبل المهرية (وجمعها المهاري، بفتح الراء وكسرها، كما في الصحاح) قال الزبيدى: وإلى (مهرة) يرجع كل مهري. اهـ وحول قوة الإبل المهرية وصفاتها تزعم العرب أن فحولاً من الإبل المتوحشة أَوالحوشية إِبل الجنّ ضربت في إبل لمهرة بن حيْدان فنُتجَت النجائب المَهْريَّة التي لا يكادُ يُدركها التَّعب وهي تسبق الخيل وزاد بعضهم في صفاتها فقال لا يعدل بها شيء في سرعة جريانها وعدوها من كرام الإبل, ومن غريب ما ينسب إليها أنها تفهم ما يراد منها بأقل أدب تعلمه ولها أسماء إذا دعيت أجابت سريعاً. يقول الجمال "أبو سعدين صالح"، إن لابل المهرية تعتبر من الأصايل وتباع بأغلى الاثمان مقارنة بالابل القادمة من المحافظات الأخرى. وأفاد في تصريحات نقلها تلفزيون "المهرية" لـ الإبل المهرية مميزات منها أن صاحبها يعتبرها أحد أفراد العائلة وتسايره وتكون لها محبة عند الراعي مثلها مثل أحد أولاده وهذه الصفات تسود في الصحراء. ولفت إلى أن الركاب أو الابل مهنة الآباء والاجداد ومنها يستفيد الرعاة "الحليب والقعدان والبكون"، لافتا إلى أن مهنة الجمال شرف لكل المهرة أبا عن جد الإبل المهرية في الشعر والامثال وحظيت الإبل المهرية باهتمام الشعراء الذين عبروا عن صفاتها خلال قصائدهم واشتقوا منها الصور البلاغية الجميلة, ونورد هنا بعضاً مما قيل في الإبل المهرية قال المتنبي: ويلمّها خطة ويلمّ قابلها لمثلها خُلق المهرية القود والمعنى ما أعجبها حالاً، وما أعجب من يقبّلها، وإنما خلقت الإبل للفرار منها. ويصور البعيثُ الحنفيُّ مسيره في شدة الحر على ناقة مهرية بقوله : وَهاجِرَةٍ يَشْوِي مَهاها سَمُومُها طبَخْتُ بها عَيْرانةً وَاشْتَوَيتُها مُساندَةً سِرَّ المَهارَى انتَقَيْتُها فَطِرْتُ بها شَجْعاءَ قَرْواءَ جُرْشُعاً إذا عدَّ مَجْدُ الْعِيس قُدِّمّ بَيتُه وارتحل أبو تمام الطائي من العراق لمدح السلطان عبدالله بن طاهر, فلما انتهى إلى قومس وقد طالت عليه المشقة قال: يقول في قومس صحبي وقد أخذت منا السرى وخطى المهرية القود أمطلع الشمس تبغي أن تؤم بنا فقلت كلا ولكن مطلع الجود وقال رؤبة: به تَمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ بنا حَراجِيجُ المَهارَى النُّفَّهِ ويقول سليمان بن الفياض الإسكندراني أبو الربيع: تَوَجَّعَتْ أنْ رَأتْني ذاويَ الغُصُنِ وكم أمالت صبا عهد الصِبي فتني مَاذَا يُريُبك مِنْ نِضْوٍ حليف نَوى لسُنّة البين مطروح عَلَى سَنَنِ رمى بِهِ الغَرْبُ عن قَوس النَوَى عَرَضاً بالشرَقِ أعْيَا عَلَى المهريّة الهُجُنِ وقد عدّ الشعراء الإبل المهرية رمزاً للقوة والسرعة, ومن ذلك يقول ابن عنين في قصيدة يرثي بها حماراً له مات بالموصل: يطوي على ظمأ خمساً أضالعه في كوكب القيظ والرمضاء تشتعل ويقطع المقفرات الموحشات إذا عن قطعها كلت المهرية البزل ففي الأباطح هيق راعه قنص وفي الجبال المنيفات الذرى وعل وأنشد أبو الشمقمق عندما قدم على يزيد بن مزيد باليمن قائلاً: رحل المطي إليك طلاب الندى ورحلت نحوك ناقتي نعلية إذ لم يكن لي يا يزيد مطية فجعلتها لك في السفار مطية تحدى أمام اليعملات وتفتلي في السير تترك خلفها المهرية ومازالت وجاء في كتاب خريدة القصر وجريدة العصر: (يقول الشاعر وهو يمدح الجمل المهري , ويطلب من راكبه أن يبلغ رسالته إلى أحد أحبابه من الملوك يا راكب المَهْرِيِّ أَضحى ظلُّه. في عُرْضةِ البَيْداء من مَسبوقه بلِّغ إلى الـمـَلـِكِ الهمامِ أَمانةً . تـبـلـيـغُـهـا لـلـحـرِّ مـن توفيقه