الليبرالية الجديدة ، والليبرالية الحديثة
اللِّيبرالية هي فلسفة سياسية تأسست على أفكار الحرية والمساواة. يتبنى الليبراليون مجموعة واسعة من الآراء تبعاً لفهمهم لهذين المبدأين، ولكن يدعم الليبراليون بصفة عامة أفكاراً مثل حرية التعبير، وحرية الصحافة، والحرية الدينية ، والسوق الحر، والحقوق المدنية، والمجتمعات الديمقراطية، والحكومات العلمانية ومبدأ الأممية.
خلال القرن السابع عشر الميلادي، أو خلال ما يُعرف بعصر التنوير، تجلت الليبرالية كحركة سياسية مستقلة حيث أصبحت شائعة جداً بين الفلاسفة وعلماء الاقتصاد في العالم الغربي. اعترضت الليبرالية على أفكار شائعة في ذاك الزمان كالمزايا الموروثة، تدين الدولة، الملكية المطلقة، وحق الملوك الإلهي. يُعتبر المفكر الإنجليزي جون لوك المؤسس لليبرالية كفلسفة مستقلة، فقد كانت فلسفته تقول بأن للفرد حق طبيعي في الحياة، الحرية، والملكية الخاصة، ووفقاً لنظرية العقد الاجتماعي، فإنه يتوجب على أي حكومة ألا تضطهد أياً من هذه الحقوق الطبيعية للفرد. كان الليبراليون معارضين للفلسفة المحافظة التقليدية وسعوا إلى استبدال الحكومات المطلقة بالجمهورية الديمقراطية.
ترتبط الليبرالية بالديمقراطية أكثر من ارتباطها بالعلمانية .
العلمانيّةِ والليبراليّة يمكنُ تمييزُه بوضوحٍ في موضوعِ الدّولة: حيثُ يمكنُ أن تكونَ الدولةُ علمانيّةً لا وجودَ للدّينِ في كلِّ أنظمتِها التشريعيّةِ والسياسيّة، إلّا أنّها ليسَت ليبراليّةً وغيرَ ديمقراطيّةٍ، فهتلر وستالين وموسوليني كانوا علمانيّينَ، لكنّهم لم يكونوا قطُّ ليبراليّين؛ لأنّهم لا يعترفونَ بالحريّاتِ بكلِّ صورِها السياسيّةِ والإقتصاديّةِ والإجتماعيّة.
أنواع كثيرة من الليبرالية تنقسم لفئتين ( السياسية ، الاجتماعية )
الليبرالية الاجتماعية التي ظهرت في أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر.
الليبرالية الجديدة : بدأت في إنجلترا بقيادة السياسي وعالم الاجتماع ليونارد تريلاوني هوبهاوس، والتي تم التنظير لها في كتابه الليبرالية (1920). وله استقبال داخل الحزب الليبرالي في المملكة المتحدة، مما أدى إلى تقارب بينه وبين حزب العمل في القضايا الاجتماعية.
الأهم في موضوعنا هذا هو التفريق بين مصطلحين يبدوان متداخلين ومتشابهين ، لكن الفرق بينهما كبير جداً ، بل هناك صراعٌ بينهما وهما : الليبرالية الجديدة والليبرالية الحديثة :
1.الليبرالية الجديدة (New liberalism)
ليبرالية اجتماعية ذات ميول اشتراكية حيث تهتم بالعدالة الاجتماعية. تهدف هذه الليبرالية (الحديثة )إلى التوفيق بين حقوق الفرد والجماعة، وتسمح للدولة بالتدخل، ووضع معايير أكثر إيجابية للتحقق من وجود فرص متساوية للأفراد لنيل الحرية والنجاح.
تتبنى الليبرالية الجديدة الإصلاح الاقتصادي لإنشاء دولة الرفاهية وتدخل الدولة بشكل كبير في قانون الشركات والصحة الاقتصادية العامة للبلد، ولكن أيضًا "أهمية الحرية الشخصية في مواجهة تعديات الدولة".
في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين قامت مجموعة من الليبراليين الجدد في بريطانيا بنقد سياسة عدم التدخل في الليبرالية الكلاسيكية وأيدوا تدخل الدولة الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، حيث يرى الليبراليون الجدد (ومنهم توماس هيل جرين و ليونارد ترَلَوني هوبهاوس و جون هوبسون) أن الليبرالية والحرية الشخصية شيء لا يمكن للفرد تحقيقه الا في ظروف اجتماعية واقتصادية ملائمة.
2.الليبرالية الحديثة (Neoliberalism )
وهو لفظ يستخدم في الوقت الحاضر للإشارة إلى مذهب رأسمالي يؤيد اقتصاد عدم التدخل وعدم الاكتراث بالعدالة الاجتماعية ، وهي تمثل شكلاً جديداً من أشكال الاستعمار القديم وتطال الدول التي تحاول تقديم الخدمات لشعوبها عن طريق النقابات والمنظمات والأحزاب، وأهم منطلقاتها الفكرية هي :
1.هيمنة السوق، وهو ما يعني رفع كافة القيود التي تفرضها الحكومات على المشروعات الخاصة.
2.تقليص الإنفاق على الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والرعاية الصحية وتخفيض الإنفاق على الضمان الاجتماعي.
3.التحرير: ويعني تقليص التدخل الحكومي في أي شيء قد يخفض الربح حتى فيما يختص بتهديد البيئة والأمن الصناعي.
4.الخصخصة: أي بيع المشروعات والبضائع والخدمات التي تمتلكها الدولة إلى رجال الأعمال، ويتضمن ذلك بيع البنوك والصناعات الحيوية والسكك الحديدية والكهرباء والمدارس والمستشفيات وغيرها.
5.القضاء على مفهوم الصالح العام أو المجتمع واستبداله بمصطلح المسؤولية الفردية والضغط على الشرائح الأفقر في المجتمع من أجل البحث عن حلول لمشاكلهم الخاصة بنقص الرعاية الصحية، والتعليم والضمان الاجتماعي، وإذا فشلوا في إيجاد الحلول يتم توجيه اللوم إليهم “باعتبارهم كسالى.
الليبرالية الحديثة تدمر برامج الرفاهية الاجتماعية الجديدة حتى في البلدان الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وتهاجم حقوق العمال لاسيّما العمال المهاجرين، وتقتطع من ميزانية البرامج الاجتماعية إذ يعمل الليبراليون الجدد على إنكار حقوق الأطفال والنساء والآثار السلبية المهددة لكوكب الأرض.
2 апр 2024