إثبات موجود لا كالموحودات ليس فى مكان ولا جهة للشيخ المعتصم 

جزاكم الله بكل خير .. اللهم ارزقنا التقديس والتنزيه لذاتك الاقدسية كما يرضيك .. تقديس وتنزيه العارفين أهل العناية وإن لم نكن منهم .. فذاتك العلية فوق كل التقديس و كل التنزيه .. فما قدسك أحد من خلقك إلا على قدره .. وأنت من قدست ذاتك و أثنيت على ذاتك وسبحت ذاتك وحمدت ذاتك في نطق كل مسبح ساجد طوعاً أو كرها .. سبحانك سبوح قدوس جل جلالك..

سبحان الذي يُعْلَم ولا يُجْهَل . و يُجْهَل فلا يُعْلَم و لا سبيل إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته..

رب العالمين وعد أهل الطاعة بجنة فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .. أي نعيم غير مدرك و غير متخيل ولا متصور فكيف ننكر ان يكون خالق هذا النعيم غير مدرك وغير متخيل وغير متصور ..صدقنا بالغيب في نعيم لا ندركه فكيف لا نصدق أيضاً أن خالق هذا النعيم لا ندركه.. الذي يخلق مالا يدرك لا يدرك .. أيكون المخلوق في عماء عقلي وخالقه ليس في هذا العماء ..محال..

من بدايه المحاضرة اذاء استمعت الي المحاضر يعظم ويمجد ويسود اي السياده للجناب الاعظم الأكرم الافخم صل الله عليه وسلم فأعلم انه على الحق والعكس صحيح

الوجود الكوني وجود مادي يدرك بالحواس ويعقل ذهنياً ويجوز عليه التخيل.. وحتى العدم أيضا يعقل ذهنياً.. وإذا سلمنا بالبداهة الحسية والعقلية في هذا الوجود الكوني .. فالبداهة تقتضي أن يكون لهذا الوجود موجد .. إذ يستحيل على هذا الوجود أن يكون هو من أوجد ذاته وإلا صار كل موجود قادر على تكرار إيجاد ذاته وصار الكون قابل للتكرار والتكاثر بذاته .. وهذا محال.. وإذا سلمنا بأن وراء هذا الوجود موجد فعلينا أن نسلم أيضا إنه يستحيل عدمه.. فالموجد محال أن يكون معدوم.. والقادر على إعدام ذاته غير قادر على إيجادها فالعدم والوجود نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان .. والقادر على إيجاد غيره هو القادر على إعدامه .. بداهة عقلية.. وإذا افترضنا فرضية غير حقيقية أن موجد هذا الوجود له مكان داخله متحيز فيه أو حال فيه .. افترضنا بالتالي أن هذا الموجد اوجد ما يحتويه ويحل فيه فهو داخل هذا العالم ولابد بالبداهة أن تسري عليه قوانين هذا العالم .. من حيث الزمان والمكان وعوامل التعرية و التبدل والتغير والوجود والعدم.. فالعدم جزء من هذا الوجود فلا يوجد عدم لا يسبقه وجود.. وإلا ما صار عدم.. ولا يوجد موجود لا تسري عليه قوانين هذا الوجود وإلا صار جزء شاذ غير متكيف و غير متناسق مع هذا الوجود ووجوده محطم لنواميس هذا الكون ولصار الخلل و عدم التوازن يعتري هذا الوجود وكل الموجودات فيه والتي تشكل في مجموعها وجوده ولعجل هذا الخلل بفناء هذا الوجود.. ولتحطمت العلاقة بين السبب والمسبب .. ومن المعروف أن هذا الكون عمره ملايين السنين دون وقوع أي خلل في وجوده.. إذن فرضيتنا خاطئة بالضرورة.. ولو افترضنا أن موجد هذا الوجود خارجه فهل يمكن إدراك أن له مكان خارجه .. المكان بالضرورة من هذا الوجود الذي يمكن إدراكه فهو جزء من الوجود وليس جزء من ما وراء الوجود.. العقل لا يدرك إلا الموجودات الكونية ويعقل نظريا العدم الكوني كمعنى ولكنه يستحيل أن يدرك المعدومات.. فالمعدومات لا وجود لها حتى يدركها العقل إلا إذا أدرك وجودها قبل الإعدام.. أما المعدوم في ذاته يستحيل إدراكه.. ما وراء الوجود مثل المعدوم في ذاته بالنسبة للعقل.. فيستحيل على العقل معرفة ما وراء الوجود فهو غير محسوس ولا يجوز فيه الخيال.. فالخيال عالم من الصور الحسية التى لها وجود كوني حسي .. وحتى لو ركب هذا الخيال الصور المخزنة فيه في أشكال مختلفة فهى أشكال مأخوذة من الموجودات الحسية وليست من ما وراء الموجودات.. إذن هل يعقل أن يكون ما وراء هذا الوجود موجود بلا مكان وليس داخل العالم ولا خارجه.. البداهة العقلية تقبل ذلك.. فالهيولي والمطلق موجودات لها وجود نظري معقول ذهنياً .. وان كانت غير مدركه في ذاتها .. المطلق معقول نظرياً أنه موجود .. ومعقول أيضاً أن المطلق يستحيل إدراكه في ذاته أو إدراك بداياته ونهاياته أو تخيله .. عكس الوجود الكوني المدرك بالعقل والحواس الذي مهما بلغ حجمه.. فالعقل يدرك أن له أبعاد ويشغل حيز من فراغ كوني ويستحيل على العقل إدراك وجود محسوس غير متحيز ولا يشغل حيز من فراغ طالما له وجود مادي.. المطلق لا يرى ولا يتخيل ولا يتصور ولا يمكن إدراكه في ذاته.. وإن كان يعقل العقل وجوده نظرياً وليس له مكان ولا يحتويه شيء وإلا ما صار مطلق.. ولا يسري عليه أي قوانين وهو متصف بالوجود ..