﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [ سورة العصر: 2] خاسر لا محالة، لأن مضي الزمن يستهلكه، أنت بضعة أيام كلما انقضى يوم انقضى بضع منك، مضي الزمن يستهلكه، فالإنسان خاسر لأنه يتناقص، لو أن لأحدنا عمراً يقدر بسبعة و ستين عاماً، كل ثانية تمضي يقترب من نهايته، نحن بضعة أيام عشنا إلى رمضان هذا و لا ندري أنعيش إلى رمضان آخر؟ لا أحد يضمن أن يعيش ثانية بعد التي هو فيها، و من عدّ غداً من أجله فقد أساء صحبة الموت، فلذلك هذا الوقت الثمين الذي هو أنت، الذي هو رأسمالك، الذي هو أثمن ما تملكه، هذا الوقت الثمين ينفق على طريقتين: إما ينفق استهلاكاً كلعب النرد، مهما استمتعنا بالحياة، و جلسنا في بيوت جميلة، و انتقلنا إلى أماكن جميلة، و أكلنا أطايب الطعام، و استمتعنا بكل ملذات الحياة، يأتي ملك الموت ليأخذ منا كل شيء، بربكم لو أن أحداً منكم ذاق ألوان الطعام الطيبة في ولائم عديدة ،ثم آلمه سنه ألماً لا يطاق، لو تذكر طعم الطعام الذي أكله هل يذهب عنه ألم سنه؟ إذاً: الاستمتاع بالحياة ليس له أثر مستقبلي إطلاقاً، الاستمتاع بالحياة ديدن أهل الأرض، أهل الأرض ديدنهم الاستمتاع بالحياة، يأتي ملك الموت فينهي كل شيء، الموت ينهي غنى الغني و فقر الفقير، و قوة القوي و ضعف الضعيف، و دمامة الدميم، و ذكاء الذكي و غباء الغبي، ينهي الموت كل شيء، و ترون أنتم بأم أعينكم كيف أن ملوكاً و أغنياء غادروا الدنيا شأنهم شأن أي إنسان على وجه الأرض، كل مخلوق يموت. الوقت الثمين ينفق استهلاكاً أو ينفق