الفنان سمير محمود ياغي طمس الحقائق لا يؤدّي إلى الأهداف المنشودة, و فعل النّسيان لظاهرة فنّيّة معيّنة لا يطمس معالمها, طالما هناك من يعي و يُفكّر و يدرك و يعرف, و مرور الزّمن مهما كان مديدا أو قصيرا لا يغيّب صوتا جهوريّا, غنّى لبنان و الفلكلور اللبناني لحقبة زمنيّة معيّنة. لكن الواقع السّائد في وطن يئنّ من الآلام ربّما ساهم بغير قصد في نسيان المطرب الشّعبي البعلبكي الأصيل الفنّان سمير محمود ياغي... لذا فواجبنا يقضي من نواح عدّة التّذكير علّ الذّكرى تنفع و تعيد الأمور إلى نصابها. ولد سمير محمود ياغي من أبوين لبنانيين بعلبكيين بتاريخ الأول من شهر كانون الثّاني للعام ألف و تسع ماية و ست و ثلاثين للميلاد في بعلبك, و دخل سلك الجيش اللبناني في سنة ألف و تسع ماية و أربع و خمسين للميلاد, ليكون واحدا ممّا يساهمون في العطاء و الوفاء للوطن, ليصبح فيما بعد مطربا لافت النّظر بين عناصر و فئات الجيش في ذلك الوقت... المسؤولون في سلك الجيش الذين تناهى لمسمعهم فعل الإبداع الفنّي طربا أصيلا لسمير محمود ياغي, نصحوه بتنمية هذه الموهبة و ساعدوه لكي يترك الجيش و يمارس فنّ الغناء, فتقدّم للإذاعة اللبنانيّة الرّسميّة في زمن الحضور المسؤول لكلّ من الفنّانين, توفيق الباشا و حليم الرّومي و زكي ناصيف, ليصبح في عداد المطربين اللبنانين الذين تذاع أغانيهم من منبر الإذاعة اللبنانيّة في ذلك الزّمن... إنطلق سمير محمود ياغي للغناء بالمرابع الليليّة في رحاب مدينة بيروت عاصمة الفنّ و الطّرب و الغناء, في سنة ألف و تسع ماية و واحد و ستين للميلاد, حيث قضى ردحا من الزّمن يمارس الغناء على مسمع من محبّي الطّرب و الفلكلور الشّعبي اللبناني... يُعتبر سمير محمود ياغي من الرّعيل الفنّي الذي عايش و عاصر جيلا من المطربين أمثال عصام رجّي و سمير يزبك و غيرهم, و تأثّر ياغي إلى حدّ بعيد بأداء المطرب الرّاحل وديع الصّافي فرنسيس و لون غنائه الجبلي, سيّما و أنّ ياغي من مدينة بعلبك و من محبّي الغناء الشّعبي البقاعي, فتحوّل ياغي إلى الغناء الشّعبي الجبلي, كون طبقة صوته العالية و المتميّزة تساعده على إداء هذا النّوع من الغناء. حيث إشتهر بالعتابا و الميجانا و القصيد و أبو الزّلف, إضافة للأغاني العديدة... تردّدت بعض أغاني سمير محمود ياغي, "لأنطر تحتك يا نخيلة" و "دارك وين" و "علّي ع كيفك علّي" و غيرها, و ذلك على حناجر عدد من المطربين و منهم, جورج وسّوف و فارس كرم و غيرهم. و معظم أغاني ياغي قام بوضع ألحانها بنفسه, "يامّا يامّا" و "الديّة" و غيرها, و لحّن له توفيق الباشا و شفيق المغربي و مطر محمّد عازف البزق المشهور و روميو لحود, و تعاون مع الشّاعر منذر ياغي. هذا و شارك ياغي في مسرحيّة "جسر القمر" في مهرجانات بعلبك مع المطربة الذّائعة الصّيت صباح فغالي... أدّى الفنان المطرب سمير محمود ياغي معظم حفلاته في مرابع, "الفونتانا" و "أليالدزلار" و "نادي عصام رجّي" و غيرها, و في بداية الحرب الأهليّة التي عصفت بلبنان منذ العام ألف و تسع ماية و خمس و سبعين, أستقرّ ياغي في دمشق بسوريا, حيث كان المطرب الأوّل لنادي الضّبّاط السّوري, و نال لقب "مطرب القوّات المسلّحة السّوريّة", منحه إيّاه الرّئيس الرّاحل حافظ الأسد, لينطلق الفنّان ياغي إلى العالم من رحاب سوريا, مسافرا إلى أفريقيا في أربع رحلات , في إحداها إصطحب معه جورج وسّوف و فيفي عبدو, و في رحلة أخرى إصطحب معه المطرب وديع الصّافي, حيث كان ياغي متعهّدا حفلات الرّحلة... قام الفنّان المطرب سمير ياغي بزيارات فنّيّة للأردن و العراق و الإمارات العربيّة المتّحدة, بعدها توجّه إلى أوروبا بزيارات لإنكلترّا و فرنسا, و من ثمّ إلى أستراليا و بعدها إلى أميركا, ليستقرّ في الولايات الأميركيّة لمدّة عشر سنوات قبل رجوعه في العام ألف و تسع ماية و تسع و تسعين للميلاد... توفّيت رفيقة دربه زوجته الأولى و أمّ أولاده "محمّد و علي و عبدالله و نادين" في أواخر العام ألفين و واحد, تاركة في نفسه الأثر المحزن الكبير الذي إنعكس عليه مرضا عضالا في القلب و الضّغط بشكل مفاجيء. فتعرّض لذبحة قلبية و هو على خشبة المسرح, يؤدّي أغانيه في إحدى الحفلات في مدينة طرطوس السّوريّة, نقل على أثرها إلى مستشفى باسل الأسد الجامعي بدمشق, لتوافيه المنيّة بعد يوم واحد من دخوله العناية الفائقة في السّابع من تشرين الثّاني للعام ألفين و واحد, مودّعا جمهوره و محبّي أغانيه, تاركا زوجته الثّانية في سوريا مع إبنه حسين. بعدها نقل جثمانه إلى لبنان بموكب مهيب يتقدّمه أعضاء نقابة الفنّانين السّوريين, ليوارى الثّرى في مدافن العائلة في مسقط رأسه بعلبك. تاركا وراءه مجموعة من الأغاني الشّعبيّة الجبليّة ذات الطّابع البعلبكي, التي ما زال يردّدها عددا من المطربين في حفلاتهم... تجاوبًا مع دعوة الأخّ الفاضل أكرم رياض طليس للكتابة و النّشر و التّوثيق و تعميم الفائدة في الصّفحة الهاتفيّة التّواصليّة الرّقميّة لمجلس بعلبك الثّقافي... و مع جزيل تحيّاتي و فائق تقديري و تثميني لكافّة الإبداعات التي يتكرّم و يكرز بها جميع الأخوة و الأصدقاء و الزّملاء أعلام مجلس بعلبك الثّقافي... حسين أحمد سليم / كاتب و فنّان تشكيلي / قرية النّبي رشادة البقاعيّة / غربي مدينة الشّمس بعلبك...
رحمه الله إنسان رائع جدا كنا اصدقاء بطرطوس وقمت بإدارة أعمال كثيره وحفلات مميزه...وكنا نحضر لحفل تكريمه بمباركة سلطان الطرب جورج وسوف ٢٠٠١ بقرية المنارة السياحيه بطرطوس وكنت مديرها في حينه.... ذهب من عندي إلى مطعم الناعوره المجاور برفقة زوجته لإداء واجب الحضور لرفيقه المغترب جورج الحافظ وقال لي وعدته أن اغني له وصله صغيره وأعود لنكمل سهرة المناره ذهب حبيب قلبي ولم يعود... لا تقل شئنا ان الله شاء رحم الله روحك يا اطيب الناس
