مصطلحات القوم
معنى الوقت عند الصوفية
الفرق بين التحقيق والتدقيق والترقيق والتنميق والتزويق
حقيقة الوقت عند أهل التحقيق: حادث متوهِّم علق حصوله على حادث متحقق فالحادث المتحقق، وقت للحادث المتوهم، تقول: آتيك رأس الشهر، فالإتيان متوهم، ورأس الشهر حادث متحقق. فرأس الشهر وقت الإتيان.
سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق، رحمه الله، يقول:
الوقت: ما أنت فيه، إن كنت بالدنيا فوقتك الدنيا، وإن كنت بالعقبى فوقتك العقبى وإن كنت بالسُّرور فوقتك السرور وإن كنت بالحزن فوقتك الحزن.
يريد بهذا: أن الوقت ما كان هو الغالب على الإنسان.
وقد يعنون بالوقت: ما هو فيه من الزمان، فإن قوماً قالوا: الوقت ما بين الزمانين، يعني الماضي والمستقبل.
ويقولون: الصوفي ابن وقته، يريدون بذلك: أنه مشتغل بما هو أولى به من العبادات في الحال، قائم بما هو مطلوب به في الحين.
وقيل: الفقير لا يهمه ماضي وقته وآتيه، بل يهمه وقته الذي هو فيه.
ولهذا قيل: الاشتغال بفوات وقت ماض. تضبيع وقت ثان.
وقد يريدون بالوقت: ما يصادفهم من تصريف الحقِّ لهم، دون ما يختارونه لأنفسهم.
ويقولون: فلان بحكم الوقت. أي: أنه مستسلم لما يبدو له من الغيب من غير أختيار له.
وهذا فيما ليس لله تعالى عليهم فيه أمر أو اقتضاء بحق شرع، إذ التضييع لما أمرت به: وإحالة الأمر فيه على التقدير وتركُ المبالاة بما يحصل منك من التقصير: خروج عن الدين.
ومن كلامهم: الوقت سيف. أي: كما أنَّ السيف قاطع فالوقت بما يمضيه الحق ويجريه غالب.
وقيل: السيف لين مسه، قاطع حده، فمن لاينهُ سلم، ومن خاشنه اصطلم. كذلك الوقت: من استسلم لحكمه نجا، ومن عارضه انتكس وتردي.
وأنشدوا في ذلك:
وكالسيف إن لاينته لان مسه ... وحدَّاه إن خاشنته خشنان
ومن ساعده الوقت: فالوقت له وقت.
ومن ناكده الوقت: فالوقت عليه مقت.
وسمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول: الوقت مبرد يستحقك ولا يمحقك.
يعني: لو محاك وأفتاك لتخلصت حين فنيت. لكنه يأخذ منك ولا يمحوك بالكلية - وكان ينشد في هذا المعنى: كل يوم يمر يأخذ بعضي يورث القلب حسرة ثم يمضي وكان ينشد أيضاَ:
كأهل النار إن نضجت جلود ... يورث القلب حسرة ثم يمض
وكان ينشد أيضاً:
كأهل النار إن نضجت جلود ... أعيدت للشقاء لهم جلود
وفي معناه:
ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميِّت ميت الأحياء
والكيِّس: من كان بحكم وقته؛ إن كان وقته الصحو فقيامه بالشريعة، ون كان وقته المحو، فالغالب عليه أحكام الحقيقة.
20 сен 2024