Тёмный

بيض قلبك - خطبة الجمعة - الشيخ علي حسن 

Masjid Sayed Hashim Bahbahani
Подписаться 11 тыс.
Просмотров 193
50% 1

- في الخطبة الأولى، وبعد مقدمة تاريخية وتحليلية سريعة عن اتخاذ العباسيين للون الأسود شعاراً لهم، طرحت على مسامعكم الرواية التالية... عن داود الرقي قال: (كانت الشيعة تسأل أبا عبد الله (ع) عن لبس السواد، قال: فوجدناه قاعداً عليه جبة سوداء، وقلنسوة سوداء، وخف أسود مبطن بسواد، قال ثم فتق ناحية منه وقال: أما إن قطنه أسود. وأخرج منه قطن أسود، ثم قال: بيِّض قلبك والبس ما شئت).
- يبدو لي أن ما صدر عن الإمام الصادق (ع) بحسب المروي في هذا الخبر، ولاسيما بلحاظ المقطع الأخير من كلامه، كان بمثابة بيان يحدّد الموقف آنذاك من المرحلة المقبلة.
- ويمكن استخلاص عدة نقاط مهمة من هذه الرواية وفق البيان التالي:
1) من مسئولية العلماء الأتقياء العالمين إرشاد الناس إلى مواقفهم في القضايا العامة والمصيرية والحساسة، وهذا لا يتأتّى إلا من خلال اطلاعهم على الواقع، وامتلاكهم البصيرة والحكمة، وقيامهم بالمتابعة والمشورة.
- وعلى الناس التفاعل مع هذه الإرشادات بصورة إيجابية، وأن يتفهّموا تغيّر المواقف أحياناً بناء على تغيّر الظروف والأولويات.
2) قال الإمام (ع): (بيِّض قلبك والبس ما شئت)... لهذه القاعدة عدة رسائل، من بينها:
أ) الدين لا يتدخّل في الألوان التي يفضّلها الفرد، وفي الأذواق وما شابه، فيحرّم هذا ويوجب ذاك، فالدين أرقى وأعلى شأناً من ذلك. كما أن تشريعات السماء ليست للتضييق على الناس، بل لهدايتهم لما ينفعهم وتجنيبهم ما يضرّهم.
- في الخبر عن الباقر (ع) لما سئل عن علّة تحريم الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير: (إن الله تبارك وتعالى لم يحرّم ذلك على عباده، وأحلّ لهم ما سوى ذلك من رغبة فيما أحلّ لهم، ولا زهدٍ فيما حرّمه عليهم، ولكنّه تعالى خلَق الخلْقَ، فعلِم ما يقومُ به أبدانُهم وما يصلحُهم، فأحلّه لهم وأباحه، وعَلِم ما يضرّهم فنهاهم عنه وحرّمه عليهم....).
- نعم، عندما يجد الإمام أن ظرفاً ما يستدعي موقفاً معيناً مِن أمر مباح، يتدخّل كإجراء استثنائي، لا كتشريع أصلي. ولذا فإن الروايات الناهية عن اللون الأسود إنما جاءت بلحاظ ما ذكرناه في شرح الظروف القائمة في بدايات العهد العباسي.
- وهذا النهي لم يصدر عن بعض أئمتنا (ع) فحسب.. ففي كتاب (غذاء الألباب) للسفاريني كلام عن موقف الإمام أحمد بن حنبل من لبس السواد، قال: (ويُروَى عن الإمام [رض] أنه قال: مَن ترك ثياباً سوداً يُحرِقُها الوصي. قيل له: في الورثة صبيان، تُرى أن يُحرَق؟ قال: نعم يُحرقُه الوصي. قال المروذي: وهذا يقتضي تحريمه) أي تحريم لبس السواد (وعلّل الإمامُ أحمد [رض] بأنه لباسُ الجندِ أصحابِ السلطانِ والظلمة).
- ولبعض فقهائنا كلمات واضحة بأنّ الموقفَ من السواد عرَضي، حتى ألّف مثلاً (السيد ميرزا جعفر الطباطبائي الحائري) كتاباً بعنوان (إرشاد العباد إلى استحباب لبس السواد).
ب) أهمية تنقية القلب والأفكار والمشاعر وتخليصها من العقائد الباطلة، والأفكار المنحرفة، والحقد، والحسد، وسوء الظن، ونوايا الشر والعدوان، وأمثال ذلك.
ج) حقيقة الإنسان لا تتحدّد بالمظاهر الخارجية... باللباس واللحية وأثر السجود وأسلوب الكلام، إلخ. قد تكون مؤشرات صحيحة، وقد تكون مظاهر خادعة لا تعكس ما في القلب،
وقد تمّ التحذير في عدّة روايات من الوقوع في شراك الانخداع بظاهر الناس.
- ولهذا، لابد من الدقّة عند التقييم... عمامة، أو لحية طويلة، أو مسباح وتمتمة باللسان، أو حضور المسجد، أو أثر السجود، أو عباءة ومقنعة، أو امتلاك حسينية، كلها مظاهر إيجابية وحسنة، ولكنها قد لا تعكس واقع الإنسان المقابل في تديّنه.
- تريد أن تتعامل معه تجارياً، أو ضمن مشروع زواج، أو تأتمنَه على شيء، لا تكتفي بالظاهر... دقّق واسأل وتعرّف عليه عن قرب لتتضح لديك الصورة أكثر، والمآسي الناتجة عن التهاون في ذلك كثيرة جداً، وعلى الإنسان أن يتعلّم من التجارب.
د) (بيِّض قلبك والبس ما شئت) لا يعني إلغاء التشريعات الخاصة باللباس.
- هل يريد الإمام إباحة ارتداء الرجل الملابس الشفافة أمام الناس والتي تُظهر عورته؟
- هل يريد الإمام إباحة ارتداء ملابس بطريقة تعرّض الإنسان للسخرية وامتهان شخصيته؟
- وهكذا، لا يريد الإمام إباحة تخلي المرأة عن لباسها الشرعي أمام الرجل الأجنبي بادعاء كفاية طهارة القلب.
- المقابلة في الرواية واضحة (بيّض قلبك) في مقابل (سواد لون الملابس)، فالمسموح به هو الذوق الخاص باللون وما شابه ذلك من طريقة التفصيل ونوع اللباس، لا إلغاء الحدود الشرعية للباس.
- إن التشريعات الإسلامية ليست للتضييق على الإنسان، ولا لتعريضه للحرج، وقد قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج:78]، وإنما الغرضُ منها هدايته لما ينفعُه، وتجنيبُه ما يُلحِقُ به الضَّرر، على المستوى الشخصي أحياناً، وعلى المستوى العام أحياناً أخرى، ومن مسئولية العلماء أن يؤكّدوا على ذلك، وأن يُخفّفوا على الناس ما كان إلى ذلك سبيلاً، وقد روي عن النبي (ص) قوله: (بُعثت بالحنيفيّةِ السَّمْحةِ السهلةِ) وقوله (ص): (يَسّروا ولا تُعسِّروا، وسَكّنوا ولا تُنفِّروا)، وعن الجواد (ع) أنه كان يقول: (إنّ الخوارجَ ضيّقوا على أنفسِهم بجَهالة، وإن الدينَ أوسعُ مِن ذلك)، والحذر من إغراق الناس في أمورٍ هي من القضايا الهامشية والسطحية، بينما يتمُّ إهمالُ لبِّ التعاليمِ الإسلاميةِ ومفاهيمِها، ومقاصدِ التشريعاتِ وغاياتِها، فلا يخرج الإنسان من عباداته إلا بحركاتها ومظاهرها الخارجية، وتبقى روحُ العبادةِ وآثارُها الإيمانية والروحية والسلوكية خارج نطاقِ التغطية.
مسجد سيد هاشم بهبهاني
الكويت

Опубликовано:

 

17 сен 2024

Поделиться:

Ссылка:

Скачать:

Готовим ссылку...

Добавить в:

Мой плейлист
Посмотреть позже
Комментарии : 6   
Далее