لا أعلم أتكلم عن جمال المذيع؟ أم جمال الضيف؟ أم جودة الإنتاج؟ أم المتعة الأدبية في الحلقة؟ أبدعت أستاذ عبدالله أنت و القائمين خلف هذا البرنامج. الشاعر جاسم الصحيح شاعر كبير، أحب أن أسمّيه -إضافةً للقبه الشهير: شاعر المجاز- شاعر الملاحم! فهو يجيد و ببراعة حَبْك و خلق الملاحم و العوالم فقط ليوصل لك شعوره. أستشهد على كلامي ببيت واحد فقط له، حيث يصف مدى وحشته، فقال: "لي وَحْشَةُ الغُصْنِ الجَّمِيلِ إذا اغتدى.. سهمًا، بأحْلامِ الرُّماةِ مُحَّمَّلا". الله! تخيل معي، غصنًا في ربوة مربعة، حيث الأشجار، و النهر الزلال، و العصافير و كل شيء مسالم. يمكث في هذه الربوة غصنٌ جميل متكئ على شجره. فجأة، و بلا مقدمات. ينقلب العالم و يجد نفسه مسنونًا و موضوعًا في قوس يمسك به أحد الجنود في ساحة حرب، حيث الموت يعج و رائحة الدماء في كل مكان. تخيلتم معي المفارقة بالحال؟ تخيلتم وحشة هذا الغصن المسكين؟ لا، و ليس فقط ذلك. بل و يزيد وحشته بقوله: "سهمًا بأحلام الرماة محمّلا"، فيزيد الطين بلّة. هكذا أراد شاعر الملاحم أن يصف وحشته و ما يخالجه من شعور، و قد أجاد. أعتذر عن الإطالة ولا تحرمونا من مزيد إبداعكم. شكرًا.
أستاذ جاسم: يبدو لي أن القراءة الواعية بهذه الطريقة ❤ التي قلت (( أن يكون القارئ مستعدًا للاقتناع بما يقرأ إلخ…)) لا يختلف كثيرًا عن القارئ المعبأ بآراء مسبقة (ديماغوجي)كلاهما مشكلة.. هذا لا يستسلم لكل ما يساق له والآخر لا يصدق إلا ما بما تمليه عليه قناعاته المسبقة وفي ظني أن القارئ الواعي ليس ذا ولا ذاك بل الذي يشارك في المقروء ويعيد انتاج المعنى بطريقة تتجاوز النص ومؤلفه إلى الآفاق المحتملة فغالبًا لا يوجد نص كامل يخلو من الفراغات والفجوات ودائمًا هناك ما يمكن قوله في كل نص والقارئ الواعي هو الذي يكتشف فجوات النصوص أما القارئ القانع فهو إمعة يصفق كعصفور تصفق أجنحته مع كل ريح والمؤدلج مثلة لكنه بومة نائحة لا أكثر…