يقول جمال حمدان : (عبد الناصر في جوهره هو مجرد مسودة للمستقبل، بروفة، تجربة، مجرد بداية لا نهاية.. وهو أول حاكم أو زعيم مصري يكتشف جوهر شخصية مصر السياسية ويضع يده على صيغة السياسة الخارجية لمصر كما ينبغي في التخطيط السياسي الأمثل.. لم يخترعها بالطبع ولا كان هو أول من شخصها وتعرف عليها نظريا ولكنه كان أول من بلورها فكريا ثم طبقها عمليا إلى أقصى حد فنقلها من الفكر السياسي إلى التطبيق السياسي أو السياسة التطبيقية ومن هنا كان أول - وللأسف آخر- حاكم أو زعيم مصري "جغرافي" ومن هنا فإن الناصرية ليست مجرد نظرية خاصة أو نظرة شخصية ولكنها ليست أكثر أو أقل من مجمل الإستراتيجية العليا و الخطة العظمى و الفكر السياسي لوجه مصر السياسي في العالم كما ينبع من طبيعة أرضها ووضعها وموقعها وكتعبير استراتيجي عن شخصية مصر الكامنة ) ((الناصرية هي المصرية كما ينبغي أن تكون… أنت مصري إذن أنت ناصري… حتى لو انفصلنا عنه (عبد الناصر) أو رفضناه كشخص أو كإنجاز. وكل حاكم بعد عبد الناصر لا يملك أن يخرج على الناصرية ولو أراد إلا وخرج عن المصرية أي كان خائنا)) وهو يقصد هنا المشروع وليس الشخص فقد طارد احمس الهكسوس ولم يقف عند سيناء بل أخرجهم من فلسطين وسوريا وكذلك تحتمس فعل فهل كانوا ناصرين أم أن ذلك هو الأمن القومى المصرى منذ الحصان والعجلة الحربية من يسيطر على سوريا وفلسطين حتما هو عدو لمصر
لكل نظام حكم الية و منهجية خاصة لادارة شؤون شعبه الداخلية وكذلك علاقاته الخارجية انطلاقا من الخصوصية الديموغرافية ... فلولا التغيرات الديموغرافية المبنية على الارث التأريخي والعوامل الخارجية لما نشأت أنظمة الحكم أساسا ... لذلك فمن الصعب توحيد الانظمة المختلفة بنظام واحد مشترك على أساسات متساوية تضمن لكل نظام استقلاليته بدون أي تصادمات ...فكلما كانت التناقضات أشد باتت الوحدة أكثر صعوبة ... وفيما لو كان الاتحاد ضروريا دون الوصول الى صيغة مشتركة فان تلك الانظمة من الممكن أن تلجأ اضطراريا الى الصيغة التراتبية من حيث الاولويات لتحقيق الوحدة ... بحيث يكون للنظام الاقوى الاولوية القصوى لتحديد سياسات الأنظمة الاخرى لصالح الاتحاد ... ولكن هذا النوع من الوحدة سيكون له ثمن باهض على المدى الطويل بحيث سيتسبب بالكثير الصدامات والخلافات الهامشية والتي سرعان ما تتفاقم تدريجيا مهددة كيان الوحدة بأكمله ... وخير مثال على ذلك هو الوحدة بين سوريا ومصر التي تأسست عام 1958 تحت مسمى الجمهورية العربية المتحدة لتشكيل جبهة مشتركة ضد الكيان الصهيوني ... بحيث كان لجمال عبد الناصر اليد العليا لتحديد سياسة الاتحاد على حساب نظيره السوري شكري القوتلي ... مما انعكس سلبا على الاقتصاد والصناعة السورية لصالح مصر بسبب توافد اليد العاملة المصرية داخل سوريا بالاضافة لسياسة عبد الناصر في طمس المنجزات الثورية السورية لصالح مصر وتعميمها بأسم منجزات الوحدة مما تسبب بمشاكل عديدة انتهت بانقلاب عام 1961في سوريا بتفك الوحدة بين البلدين وانتهاء الجمهورية العربية المتحدة لتتأسس الجمهورية العربية السورية المستقلة عن مصر .