عملاقة القداسة فيرونيكا جولياني - الشماس عمانوئيل المتعبد لقلب مريم الطاهر - جزء 4 من 4
القديسة العظيمة تصِف بأمر الطاعة في يوميّاتها حقيقة المرعبة لجهنّم. هنا قسمًا فقط من الرؤيا التي تمّت في السابع عشر من كانون الثاني 1716.
قالت: “وجدت نفسي بلمحة بصرٍ في منطقة سفليّة سوداء منتنة. سمعت خوار جواميس وزئير أسود وفحيح أفاعٍ وقصف رعود تُرعب الأجواء. وكنت في الوقت عينه ألمح بروقًا صفراويّة تتلاعب وسط الدخان. وهذا ليس شيئًا بالنسبة لما سأراه فيما بعد. إنتصب أمامي جبل عظيم مليء بالأصلال والأفاعي بأعداد هائلة معقودة بعضها ببعض، تتقلّب وتتلوّى عبثًا دون أن تستطيع الانفصال وسألتهم عن تلك الأصوات الكئيبة، فأعطوني جوابًا واحدًا: "إنّها جهنّم العليا، أي جهنّم الخفيفة" فعلاً، فقد انشقّ الجبل بعد ذلك وانفتح جانباه، فرأيت فيه جَمعًا كبيرًا مِن النفوس والشياطين المشبوكة بعضها ببعض بسلسلةٍ من نار. وكانت الشياطين، الشبيهة بجواميس مُرعبة وأحصنة مكدونة، تُلقي مِن عيونها وأنوفها وأفواهها النّيران، بينما أسنانها، وهي أشبه بخناجرٍ من فِولاذ، تعضّ النفوس وتقطّعها. فَعَلا صراخ حادّ، صراخ يائس… وانتصبت جبال أخرى أشدّ هولاً من هذا الجبل، أجوافها مسرح لعذابات شرسة يستحيل عليّ وصفها.
ورأيت في قعر الهاوية عرشًا هائلاً مؤلّفًا من الشياطين الأكثر بشاعة رعبًا وهولاً، وفي الوسط رأيت كرسيًا مؤلّفًا مِن رؤساء الظلمات. هناك ينتصب الشيطان ببشاعته التي لا توصف. وكأنّ رأسه مؤلّف من مِئة رأس، تعلوه حراب هائلة حيّة، على رأس كلّ منها عينٌ مفتوحة محرقة تلقي أسهمًا مِن لهيب، تضرم حرارتها الجَمر الجهنّمي وتُهيّجه. يرى الشيطان جميع الهالكين، وهم بدورهم يرونه. وأعلمتني الملائكة بأنّ هذه الرؤية وجهًا لوجه مع الشيطان المرعب هي التي تسبّب عذابات جهنّم، كما أنّ رؤية الله وجهًا لِوجه تتضمّن مَباهج الفردوس. فالشيطان يُلقي على عناصره الآلام والعذابات التي تَلتهمهم. وعندما يقذف اللّعنات والشتائم، يجعل الجميع يشتمون ويلعنون ويطلقون معه عواء اليأس. قلتُ لملائكتي: “كم مِن الوقت تدوم هذه العذابات؟” فأجابوني: "إلى الأبد، مدى الأبديّة!" وعندما أخرسني الرّعب، رأيت أنّ الوسادة الحيّة لعرش لوسيفورس هي يهوذا بِشخصه، يهوذا وبرفقته نفوس أخرى يائسة مثله. فسألت أدلائي: "من هي هذه النفوس؟" يا لهول الجواب! يا إلهي! قالوا: "هي نفوس رؤساء الكنيسة والمَسؤولين الدينيّين الذين مِن أعلى كراماتهم، قد أفسدوا الإيمان ودنّسوا دم يسوع"! أدركت أنّ حضوري يُضاعف غضب الهالكين؛ أمّا أنا، فلولا مُساعدة الملائكة، لا بل لولا مُساعدة مريم نفسها الحاضرة معي بشكل غير منظور، لكنت قضيتُ مِن الرعب. والآن قد خيّم السكوت! لم أقل شيئًا. لا أستطيع أن أقول شيئًا. فإنّ كلّ ما يقوله الوعّاظ تجاه هذه الحقيقة التي لا يمكن التعبير عنها ليس شيئًا أبدًا أبدًا! سكوت، سكوت!… ورأت نفوسًا كثيرة تتساقط كالمطر الهاطل في الهاوية المظلمة، مسرح الرعب.
10 окт 2024