في الآيات 30 وما بعدها من سورة البقرة يقول الله سبحانه وتعالى ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة .. قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك .. قال إني أعلم مالاتعلمون.. وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة .. فقال أنبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين .. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم .. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم .. فلما أنبأهم بأسمائهم .. قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) صدق الله العظيم
إن الرسالة الاولى في هذه الآيات هي ؛
1/ إن الله سبحانه وعزته وجلالته وعلمه و قدرته وعظمته ناقش وجادل و حاجح مخلوقاته الملائكة بأمره و قراره خلق آدم وسمح لها بإبداء رأيها في الاعتراض على هذا المخلوق آدم الذي عبرته عنه بقولها (يفسد في الأرض ويسفك الدماء) وسمح لها بمقارنة نفسها (الملائكة) بهذا المخلوق الأرضي بقولها (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) ورد عليهم سبحانه بأنه(إني أعلم ما لا تعلمون) .
إن هذه الأريحية و التوسع والتقبل والسماح في الحوار والجدال وإبداء الحجج والبراهين كل على رأيه في مسألة طبيعة آدم العدوانية (إفساد للارض وسفك للدماء) بين الله سبحانه وملائكته تمثل رسالة إلهية إلينا نحن البشر اليوم بما لدينا من تزمت وتعنت و وتصلب وانغلاق وعدم تقبل للرأي الاخر المختلف المعارض لنا إلى حد شن حرب على الآخر المختلف والتحريض عليه و معاداته على في المسائل الحياتية الاجتماعية البسيطة .
إن الله سبحانه يبعث إلينا برسالة واضحة بأن الاختلاف والاعتراض و التعبير عنها جائز و ممكن بل وحق مشروع وضروري للتطور الفكري الإنساني..وان الفكر يرد عليه بالفكر والرأي بالرأي والحجة بالحجة والدليل بالدليل وليس بأي شئ اخر .
2/ الرسالة الثانية إن توقع الملائكة لطبيعة آدم الاجرامية(إفساد الأرض وسفك الدماء) هي صحيحة اذا ماكان آدم في مستوى وعي الغرائز والطمع والجشع والكراهية والشهوة والعنف .
وصحيحة اذا كان آدم في مستوى وعي الانسياق وراء الاخرين الجماعة وليس تحكيم عقله وارادته وقلبه وحدسه وتفكيره هو فقط وليس احد اخر يسيطر عليه ..
لكن بإدراكه للعلم الذي أعطاه الله له (علم الاسماء) الذي عليه اداركه ومعرفته والتفكر والتدبر به حتى يخرج من مستوى العنف والافساد في الأرض إلى مستوى السلام والأعمار والحب والإنسانية والارتقاء الإنساني بلا تمييز ولا عنصرية ولا كراهية ولا عنف .
4 окт 2024