الترجمة السبعونية التي قام بها سبعون مترجماً إغريقياً ويهودياً في مدينة الإسكندرية في أيام الملك بطليموس الثاني فيلادلفوس (285-247 ق.م.) هي التي صنعت وحررت التوراة من رقع وجذاذات صغيرة وأنقذت اليهودية من الضياع .
عندما تسلم بطليموس الأول السلطة، توجه نحو فلسطين وحاصر مدينة القدس، وواجه صعوبات كبيرة في إخضاعها، ثم علم أن اليهود لا يعملون في أيام السبت فهاجمها في ذلك اليوم، ودخلها، وسبى عدداً (يقال مئة ألف أسيراً!!) من أهلها، وأرسلهم إلى مصر.
كانت الإسكندرية مقرا لعدد ضخم من يهود الشتات حيث استقر عدد كبير منهم في مصر من أيام غزو "شيشق" لفلسطين في القرن العاشر قبل الميلاد. وبعد السبي البطلمي لليهود تجمعت غالبية هذا الشتات في المدينة الجديدة واحتلوا كل الجزء الشرقي من الميناء الكبير، وجدوا أنفسهم أمام تحد كبير من آداب اليونان وفلسفتها. وكان يهود الإسكندرية يتحدثون باليونانية فقد كان هذا شرطا للمواطنة، وكانت معرفة اليونانية مطلبا أساسيا للتجارة والأعمال والحياة الاجتماعية. كان يهود الإسكندرية، كما كان يهود طرسوس، يتنازعهم عالمان مختلفان من الثقافة، ومن هنا نبتت الحاجة الماسة إلى ترجمة الأسفار العبرية إلى لغتهم الثانية.
ديمتريوس أمين مكتبة الأسكندرية قدّم تقرير للأمبراطور بطليموس فلاديلفيوس سوتير (285ق. م - 247ق. م) مفاده أن المكتبة تضم أعظم الكتب العالمية، إلا أن أعظم خمسة كتب غير موجودة في مكتبته وهى الكتب الخاصة بالقانون اليهودي، ولكن هذه الكتب تحتاج إلى ترجمتها إلى اليونانية أولاً.
ورأى بطليموس 2 حاجة لفهم ديانتهم هذه الترجمة كانت بطلب من الملك بطليموس الفيلادلفي قرابة عام 282 قبل الميلاد، وكان ذلك بغرض ضمّ الترجمة إلى المكتبة الكبيرة التي لديه، وتم إطلاق اسم السبعينية عليها؛ لأنها كانت على أيدي 72 مترجمًا حبسوا أنفسهم حتى الانتهاء من الترجمة خلال 72 يومًا. في جزيرة فاروس .
ومع الوقت شملت الترجمة كل اسفار العهد القديم حتى نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، وآخر سفر ترجم هو سفر الأمثال، وترجم سفر يشوع بن سيراخ حفيده.
كانت الترجمة السبعينية للعهد القديم باللغة اليونانية، وتم الاعتماد على لهجة يُطلق عليها اسم الكوين (koine) حسب كتاب الترجمة السبعينية للعهد القديم بين الواقع والأسطورة، وكانت وقتها اللهجة السائدة من اللهجات اليونانية، وتم التحدث بهذه اللهجة في فترة الإمبراطورية الهيلينية والإمبراطورية الرومانية في جميع أنحاء شرق البحر الأبيض المتوسط.
هل كانت ترجمة سيماخوس من نسخ السبعينية؟
كانت ترجمة سيماخوس واحدة من نسخ السبعينية بالفعل، وتُنسب هذه الترجمة إلى القديس الذي يحمل الاسم نفسه، وعلى الرغم من جودة أعماله إلا أن تأثيره كان ضئيلًا، وكانت أولى التعليقات التي كتبها هذا القديس على الترجمة السبعينية خلال عام 288. يجدر الذكر بأن سيماخوس يعد واحدًا من المرتدين عن الديانة المسيحية حسب بعض المصادر.
ما هي أبرز نسخ الترجمة السبعينية؟
عند العودة إلى مخطوطات الترجمة السبعينية والنسخ المتوفرة منها يتضح بأن نسخة سيماخوس لم تكن الوحيدة، وإنما هناك عدة نُسَخ أخرى للترجمة السبعينية، وفيما يأتي قائمة تتضمن أبرز نُسخ هذه الترجمة:
• نسخة أكويلا: يعد أكويلا واحدًا من المتحولين إلى الديانة اليهودية بعد النصرانية، وكانت نسخته واحدة من النسخ التي تعد منفرة حسب رأي البعض، وتميل هذه النسخة إلى النص العبري أكثر من ميلها إلى النص اليوناني.
• نسخة ثيودوشن: لم يقم ثيودوشن بتقديم نسخة جديدة باللغة اليونانية وإنما قام بمراجعة إحدى النسخ التي كانت موجودة بالفعل من العهد القديم. تجنب ثيودوشن الترجمة الحرفية بشكل واضح، وحاول تجنب الألفاظ الفجة في نسخته.
• نسخة أوريجين: قام أوريجين بمراجعة كلّ من السبعينية إلى جانب نسخة أكويلا ونسخة ثيودوشن ونسخة سيماخوس عند مراجعة العهد القديم، وتُعرف نسخته باسم السداسية، وحظيت هذه النسخة بانتشار في بعض الأنحاء.
المسيح اعتمد عليها وكان يقول انه مبشر به في كتاب التوراة
ظلت الترجمة السبعينية هى الترجمة الرسمية للكنيسة ككل في الشرق والغرب مترجمة عن اللاتينية واستشهد بها كل الآباء اللاتين وحتى القرن الرابع.
في عام 383م استدعى بابا روما جيروم لأعادة الترجمة اللاتينية في ترجمة مبسطة فقام بترجمة «الفولجاتا"
ما هي أهم الترجمات للعهد القديم؟ 9 ترجمات مهمة وقديمة ، جاءت بعد السبعينية رسخت حضور التوراة .
لترجمات ( الأرمينية: القوطية الفلسطيني القبطية الفولجيتا التتارية العبرية الإثيوبية الجورجانية.
العربية ، الفارسية )
أهمية الترجمة السبعينية:
أوّلاً: إنّها تمثّل نصًا عبرًيا للتوراة سابقًا للنص الماسوري. ولهذا فهي تساعدنا على ضبط النص الأصلي لأسفار عديدة من العهد القديم.
ثانيًا: استعملها الرسل وكتّاب العهد الجديد، فجاءت كلماتها كشهادات رسولية وأسسٍ للإيمان المسيحي.
ثالثًا: دوِّنت السبعينية في اللغة اليونانية الشائعة وهي اللغة التي دون فيها العهد الجديد، فساعدنا نصّها على فهم عبارات العهد الجديد.
رابعًا: شرح آباء الكنيسة السبعينية وتأملوا نصوصها، فلم يعرفوا غيرها توراة يهودية.
خامسًا: نُقلت عن السبعينية أقدم النصوص اللاتينية التي استعملها أوّل الآباء اللاتينيون، فاستعملوا بطريقة غير مباشرة التوراة اليونانية.
سادسًا: كانت السبعينية (بجانب العبرّية) النموذج الذي انطلق منه العلماء لينقلوا التوراة إلى ترجمات سريانية وقبطية وحبشية وجيورجية وعربية..
ملاحظات:
• تعتبر السبعينية حتى هذه اللحظة أقدم نصٍّ كامل للعهد القديم، فالمخطوطات اليونانية التي تحتوي على كامل أسفار الكتاب المقدس تعود إلى القرن الرابع الميلادي، كالمخطوطات الفاتيكانية والسينائية والإسكندرانية.
• أقدم النصوص المعروفة اليوم للكتاب المقدس هو بردية للسبعينية تعود للقرن الثاني قبل الميلاد محفوظة في جامعة مانشستر في إنجلترا.
• صدرت أول طبعة من الترجمة السبعينية في بداية القرن السادس عشر بعد اختراع الطباعة.
29 фев 2024