معركة سن الذبان ( دكة رشيد عالي الكيلاني ) 

معركة سن الذبان
-------
معركة سن الذبان من اهم المعارك التي خاضها الجيش العراقي ، وهو يدافع عن أمن العراق وسيادته .. وحاول منع بريطانيا من اعادة احتلال العراق من جديد وذلك في 2 مايس 1941 .
ونشبت الحرب في اعقاب الحركة التي عرفها الناس بدكة رشيد عالي الكيلاني بعد ان رفض الكيلاني التعاون مع بريطانيا في الحرب العالمية الثانية وأمتنع عن قطع العلاقات مع ايطاليا واخيراً اعلن العصيان على الوصي عبد الاله ورفض تقديم استقالة حكومته .
وكانت تساند الكيلاني بعض وحدات الجيش العراقي بامرة عدد من الضباط اللي يقودهم الفريق حسين فوزي رئيس الأركان العامة مع العقداء الأربعة وهم صلاح الدين الصباغ و فهمي سعيد وكامل شبيب ومحمود سلمان اضافة الى السياسي المعروف يونس السبعاوي.
ومعلوم ان بريطانيا احتلت العراق اول مرة عام 1917 بعد ان خسرت الدولة العثمانية الحرب العالمية الاولى وانسحبت من العراق وتركته لقمة سائغة للقوات الهندوبريطانية.
وبقى العراق يناضل الى ان حصل على استقلاله ودخل عصبة الامم عام 1932 بعد ان وقع نوري السعيد معاهدة مع بريطانيا سنة 1930 تسمح للقوات البريطانية استخدام اراضي وموانئ وسماء البلاد بحرية ، لكن بعد اخذ موافقة الحكومة العراقية طبعاً.
غير ان بريطانيا احرجتها المانيا في الحرب العالمية الثانية وصارت لندن تحت رحمة الطائرات الالمانية اللي خلت الانكليز يعيشون بالملاجئ جوه الكاع لمدة سنتين.
وهذا جعل الانكليز يتصرفون بشراسة وقرروا ادخال قطعات الى العراق بالقوة من دون انتظار موافقة الحكومة لتعزيز جبهة الشام وفلسطين والاستفادة من الدعم اللوجستي العراقي .
وعليه قررت بريطانيا اسقاط حكومة الكيلاني اللي كان قد خلع الوصي عبدالاله وابدله بالشريف شرف .
وقامت القوة الجوية البريطانية بقصف القوات العراقية قرب الحبانية وبدأت الحرب بتوجه مباشر من رئيس وزراء بريطانيا
السير ونتسون تشرشل ، وردت القوات العراقية بقوة وفتحت المدفعية وقوات المشاة نيرانها على الطائرات المغيرة وعلى القاعدة نفسها ، وحاصرت الانكليز واستمر القتال حول الحبانية اربعة ايام انسحبت بعدها القوات العراقية نحو الشرق وتمركزت في مرتفع سن الذبان.
وقد بذل الانكليز جميع الجهود من اجل الاحتفاظ بالحبانية والمحافظة على انابيب النفط الممتدة الى البحر المتوسط .
وبعد أن تمكن البريطانيون من السيطرة على الحبانية وما حولها بدأوا بأعادة تنظيم قواتهم وتعزيزها ، ويقال ان عدد من العصابات الصهيونية جاءت من فلسطين لنجدة البريطانيين في الحبانية وسن الذبان ناهيك عن وصول قوات الجنرال الانكليزي جون غلوب من الاردن.
وقد استطاعت هذه القوات احتلال مدينة الرطبة بعد أن تغلبت على العشائر والمقاومة العراقية هناك ثم وصلت الى نهر الفرات، وتقدمت الى الحبانية ومرتفع سن الذبان ومنها الى الفلوجة حيث دارت معركة عنيفة حول المدينة استبسلت فيها القوات العراقية وكبدت الانكليز خسائر كبيرة ، لكن المحصلة النهائية انتهت لصالح البريطانيين، ليش ؟ لان القوات العراقية كانت صغيرة ولم يشترك كامل الجيش وصنوفه بالمعركة بسبب موالاة بعض الوحدات للوصي المخلوع عبد الاله ونوري السعيد وحيادية القوات الاخرى التي كانت لا مع ولا ضد حركة الكيلاني .
المهم انتهت المعركة بأحتلال الفلوجة من قبل البريطانيين اللي خسروا الكثير من جنودهم وضباطهم، وعليه فقد تركوا الفلوجة عرضة للنهب والسلب والفرهود من قبل لصوص غرباء بعد ان هجرها اهلها من الموظفين والعمال والكسبة والتجار.
وبعد احتلال الفلوجة اصبح الطريق امام البريطانيين مفتوحاً نحو بغداد لاحتلالها لكن السيول المتدفقة عرقلت التقدم على الطريق الرئيسي.
فعمدت القوات المهاجمة
الى عبور منطقة الجزيرة باتجاه سامراء وقطعت سكة حديد بغداد - موصل وتقدمت واحتلت المشاهدة قرب التاجي وانحدرت جنوباً نحو بغداد.
اما القوات البريطانية المتمركزة غرب بغداد فانتظرت تحسن الطقس وحاولت التقدم لكنها واجهت صعوبات كبيرة بسبب مقاومة الاهالي والعشائر وشقت طريقها عبر منطقة ( خان ضاري) نحو بغداد بعد ان ردت هجوما عراقياً معاكساً اخر قبل وصولها الى العاصمة في صباح يوم 24 مايس 1941 .
في بغداد ادركت القيادة العسكرية إن البلاد مقبلة على تحمل مصائب الاحتلال البريطاني عاجلاً ام اجلاً فطلبت وزارة الدفاع من رئاسة مجلس الوزراء الموافقة على تشكيل لجنة بأسم لجنة الامن الداخلي في العاصمة لأتخاذ التدابير اللازمة لتامين الوضع داخل بغداد.
وفي عصر يوم (29) مايس غادر بغداد الكيلاني وبعد فترة وجيزة التحق به القادة الاربعة ودخلوا الاراضي الايرانية كلاجئين سياسيين.
اما يونس السبعاوي فبقي في بغداد وكان وزيرا الاقتصاد حينها واعلن نفسه حاكماً عسكرياً وحث الشعب على أعادة تنظيم نفسه للمقاومة وقد وزعت كتائب الشباب على مناطق بغداد الرئيسة ومداخلها وتم تخصيص 18 شاباً لحراسة السبعاوي ولكن حكم السبعاوي لم يستمر طويلاً فقد اسرعت لجنة الامن الداخلي الى اقناعـه بعــدم جدوى المقاومة وضمنت تسفيره بواسطة سيارة شرطة مسلحة الى الحدود الايرانية ليلحق باصحابه .
ثم اسرعت لجنة الامن الداخلي بأجراء الاتصالات الضرورية لأيقاف القتال ووضع شروط لهدنة تحفظ للجيش العراقي كرامته وللبلاد استقلالها، وبعد مداولات بين الجانبين توصل الطرفان الى الهدنة مع السماح للجيش العراقي الاحتفاظ بجميع اسلحته وذخائره ، على ان تنسحب القوات العسكرية الى مراكزها الاصلية القديمة.
وبهذا عاد عبد الاله والسعيد للسلطة وانتهت حركة رشيد عالي الكيلاني اللي استمرت شهرين وشهد العراق بعدها حملة واسعة من الاعتقالات وتم اعدام العقداء الاربعة ومعهم يونس السبعاوي وعدد من الضباط والقادة بينما هرب الكيلاني الى السعودية . وبعدها حصل جفاء كبير بين الجيش والسلطة استمر حتى عام 1958 الذي شهد اسقاط النظام الملكي وتصفية الملك والاسرة الحاكمة ، وقيل ان السبب الرئيس لهذه التصفية كان قطع الطريق امام الانكليز وعدم اعادة سيناريو أحداث مايس 41 ومعركة سن الذبان .