إشكالية مسطرة تبليغ الإنذار بين النص والاجتهاد القضائي محور نقاش من تنظيم الهيئة الوطنية للمحاسبين العموميين لوزارة الاقتصاد والمالية.
تقديم الاستاذ يوسف نصري
مما لاشك فيه ان تحصيل الديون العمومية بصفة عامة، وتحصيل الدين الضريبي بصفة خاصة من أهم موضوعات المالية العامة، وتكمن هذه الاهمية في كون الديون العمومية من أهم مصادر تمويل ميزانية الدولة حيث انها تشكل الحيز الأكبر من مواردها، و بالتالي فهي تلعب دورا استراتيجيا في تمويل النفقات العمومية، وعبرها تنفيذ سياستها الاقتصادية و الاجتماعية، مما يجعلنا أمام ضرورة التعرف على دور المشرع ومعه القضاء في الـتأطير للجانب المتعلقة بعمليات استخلاص و تحصيل هذه الديون.
ولملامسة المعني الحقيقي لمفهوم التبليغ حسب ما يقتضيه القانون الجبائي ، ذلك أنه إذا كانت الغاية من هذه المسطرة هي تمكين طرفي العملية الضريبية من التعاون بشكل حضاري من أجل تقدير واجب وطني هو مدى قدرة الملزم في المساهمة في أعباء الدولة. فإن المصلحة تقتضي من الجميع محاربة التعسف في استعمال الحق ، فالتبليغ مسطرة تبدأها الإدارة ويجب أن يتممها الملزم ،
ويتجسد ذلك في اخبار الملزم بالإجراءات السابقة واللاحقة لتحديد أساس الضريبة وذلك وفق الشكليات التي حددها القانون تحت طائلة البطلان
وهكذا فإن المقصود بمسطرة التبليغ مجموع الإجراءات والآجال التي تتبعها وتحترمها الإدارة الضريبية لتبليغ الملزم بمضمون هذه الوثيقة
ولا شك ان المتتبع لمختلف النصوص القانونية، سيلاحظ ان مسطرة التبليغ في المادة الجبائية تأخذ حيزا كبيرا من الاهمية، حيت شدد العمل والاجتهاد القضائيين على احترامها لكونها مرحلة يتم خلالها تبادل العديد من المراسلات في الاتجاهين بين الإدارة الضريبية والملزم صيانة لمبدا الحق في الدفاع من جهة كضمانة رئيسية باعتبارها من الحقوق المقدسة للملزم ، وحماية للتحمل الضريبي و الإدارة الضريبية من التهرب الضريبي كحق اساسي للخزينة لا يجوز التفريط في استخلاصه الا بتحقق اسباب وجيهة لذلك، من جهة اخرى.
فاذا كان الاصل في تحصيل الديون العمومية يقوم على التنفيذ الاختياري حيث يقوم المدين بالوفاء اختياريا بحلول أجل الاستحقاق، من خلال أداءه ما بذمته من ديون عمومية،
فان هذا التحصيل قد يصير جبريا في حالة تعنت الملزم او تماطله او امتناعه عن الوفاء في الآجال المقررة قانونا، عندها تلجأ ادارة تحصيل الديون العمومية الى مسطرة التحصيل الجبري، هاته المسطرة التي تهدف إلى حمل مديني الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية على تسديد ما بذمتهم من ديون بمقتضى القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
وتختلف درجات التحصيل الجبري من حيث أنواعها وآجالها، وكذلك من حيث الآثار التي تنتجها على الملزم والإدارة على حد سواء.
وتعتبر هذه التراتبية في اجراءات التحصيل الجبري أهم ميزة ترتبط بتحصيل الديون العمومية وقد رسخ المشرع الجبائي هذه القاعدة من خلال ما تضمنته مدونة تحصيل الديون العمومية، لتؤكد على ضرورة التزام المحاسب المكلف بالتحصيل باحترام تدرج وتراتبية إجراءات التحصيل الجبري وفي مقدمتها الانذار، تحت طائلة بطلان الاجراءات اللاحقة. ويعتبر الانذار أول اجراء من إجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية تم التنصيص عليه في المادة 40 م -ت-د-ع، وهو بمثابة اخطار للمدين قصد اكراهه على وجوب أداء مستحقات الخزينة العامة
فلما كان الإنذار القانوني من ابرز هذه الإجراءات فهو أول درجة من درجات التحصيل الجبري للديون العمومية، يمارسه القابض وجوبا قبل اللجوء إلى الحجز والبيع والإكراه البدني، وفق ضوابط قانونية محددة.
وعلى هدا الأساس فالإشكال الذي يمكننا طرحه ونحن بصدد مناقشتنا لهذا الموضوع هو الى أي حد استطاع المشرع و معه القضاء تنظيم مسطرة تبليغ الانذار في مجال التحصيل، والحد من اشكالياته ؟ وفي ظل هذا الطرح تنبثق تساؤلات فرعية يمكن سياقتها في حينها
وقوفا اليوم واجتماعنا على هذه المائدة العلمية حول هذا الموضوع لم يكن اعتباطيا بقدر ما أملته الرغبة في رصد خصوصيات هذه المسطرة في المادة الجبائية. وهي بطبيعة الحال لن تتطابق مع تلك الموجودة في المسطرة المدنية.
لذلك فان هذه الندوة من شانها ان تفي بالغرض في الاحاطة بجميع الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع
التساؤلات الاتية : كيف نظم المشرع المغربي مسطرة التبليغ في المادة الجبائية ؟ وماهي أهم الاشكاليات التي تطرحها هذه المسطرة
8 сен 2024
