ذكرياتي في الخرطوم
يا جارة الوادي طربت
وعادني ما يشبه الأحلام من ذكراك
مثلت في الذكرى هواك وفي الكرى
والذكريات صدى السنين الحاكي
رحمة الله على أمير الشعراء احمد شوقي
نعم الذكريات الجميلة ترداد لصدى سنيننا الفائتة. ففي كل صباح باكر استيقظ وكالعادة الحزن يغمرني وقلبي ينفطر ويحترق على جمر نار وطني الضائع ويحترق على ذكرياتنا وتراثنا وعواطفنا وممتلكاتنا وبيوتنا التي كلها ضاعت ومسحت من الوجود بأيد قذرة، لم تعرف قلوبها رقة العاطفة والحب التأمل العميق في كنه الحياة والوجود ونهاية رحلة الحياة سنة الله المكتوبة. هذه الأيدي الظالمة والقلوب القاسية ليتها أفاقت من غفوة جهلها وتوحش حيوانيتها لتتشبع بالنقاء والحب الإلهي وحب الناس والطبيعة الجميلة التي وهبنها الله
أي حاضر حلو يعيشه السودان المكلوم الآن وأي غيب أحلى ينتظر؟
الفاتحة على روحه وعلى كل شيء ضاع بل وطن بكامل موروثاته وتراثه قد ضاع.
اللعنة على كل من تسبب وساهم في هذا الخراب والتشريد والموت والقهر والعذاب
وغدا يا خلي نصحو ويصحوا الكثيرون مثلنا وغيرنا المشردون ونحن في بلاد تموت الحيتان من صقيعها وهم في صحارى جرداء نجد حالنا كما هو اليوم بل أسوأ حالا طالما الطوطم باق يتمطى ًويتمخطر وبنا يعبث غير رحيم ولقاء الله لا يخشى
هذا الفيديو قطرة من خضم ذكريات جداً جميلة أخترتها من إرشيف تصويري الخاص بكاميراتي الممتازات من نيكون قصدي منها لون من التوثيق لكيفية قضاءنا أيام زياراتنا السنوية من أروبا إلى الخرطوم. لكل زيارة "بزمانها ومكانها و إنسانها" قصصا مثيرة ممتعة وليال عامرات تعطر أجواءها نفحات وأنغام العديل والزين وصببت دموعاً يشهد الحزن أنها أتت من فؤاد بالغرام متيم. وكل شارع وشجرة ومبنى يذكرني بفلان وفلانة وصغار لنا وصحبة طيبة خالدة ذكراها، رحم الله من غادر منهم هذه الفانية إلي دار الخلود.
الوجوه الاروبية التي تظهر معنا في الصحبة ، كانوا ضيوفا علينا جاؤونا من بلادهم البعيدة من أقصى الشمال مشاركين لنا في مناسبة عائلية هامة كانت تخصنا فأكرمونا بتلك الزيارة وكرمناهم بأجمل إقامة وضيافة سودانية.و رغم الإحباط جراء الحاصل في يومنا هذا فقد تتعثر ولادة الكلمات عند البوح بما تختلج به النفس من مشاعر وعواطف وأشواق وحنين لأول منزل، وخصوصية براحة نفسية وروحية ومعنوية كانت مع أشقائي وشقيقاتي وأبنائهم وبناتهم وجيران وصحاب كثر كم عطروا وجودنا في السودان كل زيارة شتوية عشنا فيها حلو اللقيا وحلو طعم الزمان والمكان، ليتها يارب تعود ، لقد بقيت كلها صوراً جداً جميلة وذكريات رائعة لا يشوبها غبار أو تشويش تتناثر في مخيلتي كما تتناثر حبيبات المطر الكريستالية في أرجاء السماء هبوطا ناعماً من علو لتسقي أرضا يابسة فتعيد لها الإخضرار والحياة من جديد. فيا صحابي دعونا نتفاءل فقد يكون الغيب حلوا …. "هل يارب؟"
لكن ياترى هل غدا كل هذا الدمار والنزوح والتشريد وفقدان كل ما نملك ننسى؟
ولا نأسى على ماض تولى؟
آه من الجرح الذي هو جداً لعميق
د. عبدالمنعم
شكرا للأستاذ التشكيلي عصام عبدالحفيظ الذي سمح لي بنشر لقطات قمت بتصويرها من معرضه الرائع"غياب الذاكرة " وقد زرته خلال يناير من العام المنصرم بالخرطوم وكان ذلك على غاليري
داونتاون الأنيقة
رحمة الله تعم الراحلين عنا كلهم من الأهل والصحاب وأخص هنا سيد خليفة وبرعي محمد دفع الله وبشير عباس وحافظ عبدالرحمن وابوعبيدة حسن وكوكب الشرق أم كلثوم وغيرهم من تركوا لنا من خلفهم منعة مترعة من تراث لن يتكرر مثله ، ربنا يجعل الفردوس الأعلى مسكنهم. الشكر للبلابل بنات الأستاذ معلم الاجيال المرحوم طلسم حفظهن الله وبارك فيهن
لقطة قذف الراجمات المستمر من تصوير إبن أخي قبل يوم من مغادرتهم الخرطوم إلى أجل غير مسمى متوكلين على الله وحده. ربنا يعود السلم ويرد غربة كل من نزح أو تشرد ويرحم من إغتالتهم هذه الحرب اللعينة
22 сен 2024