🖋️ قال الشيخ فركوس : فإنَّ الاحتفالَ بالمولد النبويِّ الذي أَحْدَثه بعضُ الناسِ، إمَّا مضاهاةً للنصارى في ميلادِ عيسى عليه السلام، وإمَّا محبَّةً للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وتعظيمًا له ـ زعموا ـ يُعتبَرُ مِنَ البِدَع المُحْدَثة في الدِّين التي حَذَّرَ الشرع منها؛ لأنَّ هذا العملَ ليس له أصلٌ في الكتاب والسُّنَّة، ولم يتَّخِذِ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَوالِدَ لأحَدٍ مِنْ سابِقِيه مِنَ الأنبياء والصالحين، ولا لأبيه آدَمَ عليه السلام، ولا لمَنْ مات قبله مثل: عمِّه حمزة، وزوجتِه خديجة رضي الله عنهما، ولم يُؤْثَرْ عن الصحابة والتابعين إحياءُ مِثْلِ هذه الموالدِ والاحتفالُ بها، أي: لم يُنْقَل عن أهل القرون المفضَّلةِ إقامةُ هذا العمل، ولا عن الأئمَّة أصحاب المذاهب الأربعة: أبي حنيفة ومالكٍ والشافعيِّ وأحمد، فلو كان الاحتفالُ بالمولد مشروعًا لكان محفوظًا؛ لأنَّ الله تعالى تَكفَّل بحفظ شرعِه؛ قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ٩﴾ [الحِجْر]، ولو كان محفوظًا ما تَرَكه الخلفاءُ الراشدون والصحابةُ والتابعون رضي الله عنهم، ولو كانَتْ عبادةً خيِّرةً متجلِّيةً في محبَّةِ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم لَسبقونا إليها، فلمَّا لم يفعلوا عُلِم أنَّه ليس مِنْ دين الله تعالى؛ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(٥)، وفي روايةٍ لمسلمٍ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٦)، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(٧)، [الكلمة الشهرية رقم : ٧ | حكم الاحتفال بمولد خير الأنام عليه الصلاة والسلام] 🖋️ قال الحافظ ابن كثير : وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة؛ لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه. [تفسير ابن كثير ، ٢٧٩/٧-٢٧٨] 🖋️ قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فمن ظن أنه يأخذ من الكتاب والسنة بدون أن يقتدي بالصحابة ويتبع غير سبيلهم فهو من أهل البدع والضلال. [مختصر الفتاوى المصرية - ٥٥٦] 🖋️ قال الشيخ فركوس : لم يعرف المسلمون المَوالِدَ قبل القرن الرابع الهجريِّ، ولم يفعله السلفُ مع قيام المقتضي له وانتفاءِ المانع، ولو كان هذا خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السلفُ رضي الله عنهم أحقَّ به مِنَّا؛ فإنَّهم كانوا أشدَّ محبَّةً للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم وتعظيمًا له منَّا، وهم على الخير أحرصُ، كما صرَّح بذلك شيخُ الإسلام في «الاقتضاء»(١٧)، عِلمًا أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»(١٨)، والمهديُّون مِنَ الخلفاء لم يفعلوا هذا العملَ، 👈 وإنَّما مصدرُ الحدثِ العُبَيْديون (الفاطميُّون) الروافض أوَّلًا، ثُمَّ تَلَقَّتْهُ عنهم الصوفيةُ مُشاكَلةً، فاتَّخذوا المولدَ النبويَّ عِيدًا دينيًّا، فابتدعوا في الاحتفال به بِدَعًا مُحْدَثةً بدعوَى محبَّة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ زعموا ـ مِنْ إيقاد الشموع وإشعالِ الأضواء وتنويرِ البيوت والمساجد والأضرحةِ بها، مع تهييج الوضع بالمُفَرْقَعات بشتَّى ألوانها وأنواعِها على وجه المرح واللعب، والإسرافِ في نفقات الزينة وتبذير الأموال لإقامة الحفلات وإطعام الطعام، وما تُرتِّبُه وسائلُ الإعلامِ السمعيةُ والمرئية بهذه المناسبة مِنَ الأغاني والموسيقى والمدائحِ الشعبية، واختلاطِ الرجال بالنساء على وجهٍ غيرِ مَرْضِيّ. [الكلمة الشهرية رقم : ٧ | حكم الاحتفال بمولد خير الأنام عليه الصلاة والسلام]