أم كلثوم / اليوم في بُعدك بيفوت سنين سنيين 

غناء خفيف الظل يخرج بنا من عذابات الكلمة الواردة في نَص الأغنية والتي يمرّ اليوم على صاحبها كأنه سنوات طوال في بُعد محبوبه وربما أتت خفة ظلّ هذه الأغنية من ناظمها ابتداءً وخفّتها في تميّزها وذلك لأن معظم أبيات أروح لمين ثلاثية التقطيع في كل كوبليه مثل استهلال المطلع
أروح لمين واقول يا مين ينصفني منك
ما هو انت فرحي وإنت جرحي وكلّه منك
أو في الكوبليه الأول
وبعد حبي شغلت قلبي وقسيت عليه
وكان منايا يدوم هنايا ما دامش ليه
وفي الكوبليه الثاني
يطول بُعدك واعيش بَعدك على شوقي وأشجاني
ما بين ماضي ماهوش راضي ينسّيني وينساني
وفي الكوبليه الأخير
طول ما انت غايب ماليش حبايب في الدنيا ديّه
والفكر سارح في هجر جارح يا نور عنيّا
ثم انتقلت هذه الخفّة إلى السنباطي ذلك الفذ الذي صرفنا بلحنه البارع عن متابعة هذه الملاحظة بل زاد أن تلاعب بوقار وجداننا في السماع ما يجعلنا نلمس أريحيّة الخفّة فينا بفعل الحيوية المهيمنة على إيقاع الأغنية كلها والمعشّقة برشاقة الكونترباص، ثم تسرّب ما فعله الموسيقار في لحنه إلى أداء أم كلثوم اللدن الممشوق في كل تسجيلات الأغنية تقريبا ولفظ سنين في هذا المسمع مثال على ذلك وهي هنا تشدو بكلمة سنين بأداء رخيّ الدلال حتى يُخيّل إليك أن تحت الياء المعجمة في سنين أكثر من نقطتين