على تخوم ذكرى الفنان البروفيسور حسين جمعان عليه رحمة الله نبحر
بقلم دكتور عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
سنتان ونصف مرتا على وفاة الأخ الحبيب والصديق لى شخصياً وكل أفراد أسرتي, فقد عرفناه تلميذاً مخلصاً لأستاذه المرحوم بروفيسور أحمد شبرين وامتدت علاقة التلميذ بأستاذه محبة صادقة وتقديراً لتشملنا كلنا أسرة شبرين. وهذه هى من شيم مكارم الأخلاق التي كانت عنوان ولون جمعان بل هي في الحقيقة المروءة ذاتها التي كان يتميز بها جمعان ذلك الرجل الطيب الصبوح الرقيق المشاعر باسما يلقاك وهو فى أصعب الأوقات وإن عظمت عليه الأحمال كان يسعد الآخرين . لم يكن معلماً او تشكيلياً فحسب يرسم ويلون بل كان أديباً ومفكراً لا يباري إذا كنب وعبر ومن بلاغته أنك تحسب كلامه شعراً وكان خط يده هبة الله جميلاً بالفطرة. سعدت شخصيا بايام جداً جميلة كانت تجمعنا عند زياراتي الشتوية السنوية للسودان. وآخر لقاء كان جلسة ليلية لا تنسى بمسكنه فى الخرطوم يصحبني شقيقي إسماعيل ، وكانت حولنا ابنتاه الزهرات اليانعات " سارة وريم" ومن على البعد ثالثتهن "ندى" مع زوجها فى برايتون بالمملكة المتحدة. وكان جمعان وريم بدون شك من "أهل الجنة"ونحن فى ضيافتهم وكلاهما من غير إنذار سرعان قد رحلا عنا الي دار الخلود بدءاً بالوالد حسين جمعان وسريعا وبعد سنتين فقط تسرع إليه ريم وهناك أيضاً والدتها كانت تنتظر. هكذا كان الرحيل السريع المر تراجيدياً فى نفوس المحبين لهذه الأسرة الكريمة وهذا الفنان الرقيق كريم السجايا والخصال والاستقامة والسلوك المثالي.
بروفسور جمعان هو السوداني الأكاديمي المتخصص في الفن التشكيلي الغرافيكي والأستاذ سابقاً بكلية الفنون العريقة فى الخرطوم وبعدها عميداً بجامعة المستقبل حتى داهمته على عجل المنية " خيار الله أحسن الخالقين "
لقد شارك منذ تخرجه من كيلة الفنون بالخرطوم عام 1966 وبعدها دراسة عليا بكلية الفنون الملكية بلندن في عشرات المعارض داخل السودان وخارجه وحازت لوحاته على عددِ من الجوائز العالمية أشهرها الجائزة الكبرى والميدالية الذهبية لأدب ورسومات الأطفال (نوما ) في طوكيو1999.
تميز أعماله" سواءاً كانت بالأبيض والأسود أو الألوان" بالتفاصيل السودانية الدقيقة التي تشبع بها منذ طفولته من البيئة السودانية الغنية بالتنوع الثقافي من تراث وإنسان بالفطرة عظيم وخلاق وفنان كما تأثر جمعان بحكايات وشعر البادية وأحاجي الصغار من قبل الجدات .إصافة الي ذلك تتميز أعماله بتفاصيل أخرى لرموز نوبية تاريخية قديمة ( مثلاً لمملكة كوش)
الحديث يصعب ليعدد مناقب هذا الفنان شامخ القامة بل كذلك الإنسان صاحب الوجه الصبوح والابتسامة الصادقة التي كانت تميز حسين جمعان. والله لقد إفتقدناك يا أخي وافتقدتك الساحة الفنية السودانية والعالمية. ستبقى انت والذكري الجميلة بيننا حياً " أنت يا ابن كسلا بل ابن السودان كله، إنت يا الأبيض ضميرك" . أسأل الله ان يجعل قبرك روضة من رياض الجنة وأن يسكنك وزوجك وابنتكما المرحومة الشابة ريم أعلى جنات الفردوس ، يارب أنت رحيم فاغفر لهم وارحمهم وصبر الإبنات ندى وسارة واجعل البركة فيهما.
د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي. المملكة المتحدة
@drabdelmoneim
December 28th 2022
22 сен 2024
