الدرجة الأولى: غنى النفس الدرجة الثانية: غنى القلب 00:33:14 الدرجة الثالثة: الغنى بالله 00:35:17 وصف النار في أرض المحشر 00:40:08 ذكر الله لك قبل أن تذكره
فصلٌ في ما يغني القلب ويسد الفاقة درجات الغني بالله: - الدرجة الأولى: أن تشهد ذكر الله عز وجل إياك قبل ذكرك له وأن الله تعالى ذكرك فيمن ذكره من مخلوقاته ابتداءً قبل وجودك وطاعتك ذكرك فقدر خلقك ورزقك وعملك وإحسانه إليك ونعمه عليك حيث لم تكن شيئا البتة وذكرك سبحانه بالإسلام فوفقك له واختارك له دون من خذله "هو من سماكم المسلمين من قبل" فجعلك أهلا لما لمن تكن أهلا له قط، وإنما هو الذي أهّلك بسابق ذكره فلولا ذكره لك بكل جميل لم يكن لك إليه سبيل ومن الذي ذكرك باليقظة حتى استيقظت وغيرك في رقدة الغفلة من النوّام، ومن الذي ذكرك بالتوبة، ومن الذي ذكرك سواه بمحبته، ومن تقرب إليك أولا حتى تقربت إليه ثم أثابك على هذا التقر تقربا أخر، فصار التقرب منك محفوفا بتقربين منه، والذكر منك محفوفا بذكرين منه، فله الفضل من قبل ومن بعد فهذه كلها آثار ذكره لك "فانظر إلى آثار رحمت الله" ثم إنه سبحانه ذكرك بنعمه المترادفة المتواصلة بعدد الأنفاس، فله عليك بكل طرفة عين ونفس نعم عديدة ذكرك بها قبل وجودة وتعرف بها إليك وتودد بها إليك مع غناه التام إليك... لأنه يحبك! { إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَیَجۡعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحۡمَـٰنُ وُدࣰّا } الجواد المحسن لذاته لا لمعاوضة ولا لحاجة ولطلب جزاء منك، فإذا وصل إليك أدنى نعمة منه فاعلم أنه قد ذكرك بها فلتعظم عندك لذكره إياك بها، فإنه ما حقرك من ذكرك بإحسانه وابتدأ بمعروفه وتحبب إليك بنعمائه، هذا كله مع غنائه عنك. فإذا انشغل العبد بربه شغله ذلك عمن سواه. - الدرجة الثانية:
جزاك الله خيرا ياشيخنا ونور قلبك بالايمان وزادك علما وانزل البرد والسكينة والطمأنينة عليك في المحنة التي أنت فيها. وأسأل الله العظيم أن يفك أسرك قريبا قريباً وجميع أسر المسلمين يارب العالمين
التفويض على ٣ درجات - العبد لا يملك الاستطاعة = بالتوفيق = لا توفيق أي وكله إلى نفسه ولا ييأس من معونة.. ربي ذكرني قبل أن أذكره.. فأستلهم منه المعونة وتثق في معونته ولا يعول على نية - معاينة الإضطرار، فلا يرى عملًا منجيًا ولا ذنبًا مهلكًا ولا سببًا حاملًا، فيرى كل من حوله إنما هم شخوص وعوارض كالظل يقبضه الله إن شاء ويمده إن شاء بك وإليك أشهد ضعفي فأشهد تمام قوته، وفقري فأري تمام غناه. - شهود انفراد الحق بملك الحركة والسكون والقبض والبسط ومعرفته بتصريف التفرقة والجمع.
أُثبت الله سبحانه للإنسان حرية الفكر : قال سبحانه : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ ) [سبأ :46 ] وأثبت الله عز وجل للإنسان حرية الإرادة. قال تعالى : ( وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ) [آل عمران: 145] و قال تعالي : ( مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ) [آل عمران: 152] وأثبتت السنة النبوية أن للإنسان إرادة حرة مختارة ،وليست مجبر . ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « يَقُولُ اللَّهُ إِذَا أَرَادَ عَبْدِى أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلاَ تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا بِمِثْلِهَا وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِى فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةٍ » . • و أثبت الله للإنسان حرية القول ، قال تعالى: ( وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ۚ ) [المجادلة: 8] وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ ». • و أثبت الله للإنسان كامل الحرية في اختيار أفعاله: قال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ) [النساء: 66] وقال تعالى) إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ ۖ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا( [المزمل:19] • و أثبت الله للإنسان الحرية الكاملة في اختيار أعماله: قال تعالى : ( اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ۖ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [فصلت: 40] وقال تعالى: ( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْوَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف:29] • وينكر الله سبحانه على بعض الناس إصرارهم على الكفر مع ما يسره لهم من الآيات الدالة على طريق الهدى والإيمان قال تعالى : ( وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۙ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ( [ الحديد 8 ] وقال تعالى : ( وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ) [ النساء 39 ] • ومتى ثبتت الحرية الكاملة للإنسان كان الثناء على المؤمن المطيع وإثابته على أعماله. قال تعالى : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) [النحل: 32] وكانت العقوبة للعاصي وتوبيخه على أعماله. قال تعالى : ( وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) [النمل:90] وقال الله تعالى لأهل النار عندما يصطرخون فيها ويسألون ربهم أن يخرجهم من النار ليعملوا الصالحات : ( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ) [ فاطر 37 ] بل يزيد الله الكافر حسرة بأن يريه مقعده في الجنة لو آمن وأطاع ،ويزيد المؤمن فرحا وسرورا بأن يريه مقعده في النار لو كان من الكافرين . أخرج الإمام البخاري في الصحيح منْ حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ لِيَزْدَادَ شُكْرًا وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً" . وجمهور علماء الأمة يثبتون للعبد إرادةً ومشيئةً وقدرةً وفعلاً وعملاً وتركاً وأنه يمدح على الطاعة ويذم على المعصية . فيجب على المسلم حينما يقدم على عمل وتتوجه إليه إرادته أن يقيس هذا العمل بمقياس الشرع هل هو مباح أم مندوب أم واجب أم مكروه أم حرام فإن كان واجباً أو مندوباً أو مباحاً أقدم عليه وهو مطمئن وإن كان مكروهاً أو حراماً كف نفسه عنه ، فالإنسان مسئول عن أفعاله ونتائجها ، قال سبحانه : كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [ المدثر :38 ]