(2) هذه المعطيات الكتابية كلها تقول أن هناك دينان، دين الأنبياء وهو الولاية الآدمية ودين الكافرون وهم الأنبياء، فالكافرون هم الذين غيروا الدين بدين آخر فجعلوا الأنبياء دين بينما لهم دين هو دين الإسلام أو الولاية التكوينية الآدمية، هذا فيما يخص معطيات الدين، وأما من الجهة الأخرى فهناك الإشارات الكتابية الصريحة والواضحة التي تقول أن هناك دين آخر وهي ما يلي : 1_ ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه، هذه إشارة واضحة بأن هناك من يطلب ويبتغي ديناً آخراً غير الإسلام الذي هو دين الأنبياء وهو دين الكافرون الذي جعلوا فيه الأنبياء هم الدين. 2_ لكم دينكم ولي دين، هذا خطاب إمام المسلمين في مقابل إمام الكافرين وهو بأن لكل فريق دينه، فالأنبياء كمسلمون لهم دين ودينهم هو الولاية التكوينية والكافرون لهم دينهم وهو اتخاذ هؤلاء الأنبياء ديناً بينما لهم دين، وللعلم فإنه ما فصل إمام المسلمون بين دينه ودين الكافرون إلا ليقول لهم نحن الأنبياء لنا دين وهو الولاية التكوينية وأنتم لكم دين لكننا لن نكون ذلك الدين لأننا مسلمون لدينا دين فدينكم فقط هو الكفر. 3_ حتى يدينون دين الحق، إشارة واضحة إلى أن هناك دين آخر هو الدين الباطل. 4_ ليظهره على الدين كله، إشارة إلى أنه بظهور الرسول الإمام الذي جعلوه ديناً هو أنه يمسح دين الكافرين لأنهم اتخذوا هذا الرسول وجميع الرسل دين، لهذا فظهوره يمسح دين الكافرين الذي هو في أصله عبارة عن قِطع مبعثرة وممزقة بإسم كل نبي ليكون مجموع هذه القِطع هو دين الكافرين. 5_ لا تعبدوا الشيطان وأن اعبدوني هذا صراطٌ مُستقيم، لا صراط إلا لدينٍ ولا عبادة إلا من خلال صراط وحين يقول لا تعبدوا الشيطان فهذا يعني أن هناك دينٌ به يُعبدُ الشيطان. من كل ما سبق يتضح أن هناك دينان، دين الأنبياء المسلمون ودين الشياطين الكافرين، فما هو دين الكافرين؟؟!! إنه النبوة والإمامة !! نعم!! دين الكافرين هو النبوة والإمامة!! النبوة والإمامة لها دين ودينها هو الإسلام، لكن هؤلاء الكافرون قلبوا الوضع فجعلوا النبوة والإمامة هي الدين أو هي الولاية، هذه هي ولايتهم ودينهم، تخصيص الكلام هنا هو عن أنهم استخدموا النبوة والإمامة ليجعلوها دين وولاية بديلاً للولاية الآدمية الحق، فكانت هذه الولاية هي دين الكافرين، ما يُقال عنهما في هذا الحديث ليس تعدياً ولا تجنياً عليهما وإنما هنا يتم فضح وكشف الذين تعدوا وتجنوا عليهما فجعلوهما دين وهما تابعتين للدين، أخرجوهما من مكانهما الطبيعي وجعلوهما دين فجعلوا خلائق المملكة في جحيم، هذا الذي ينبغي أن يتم كشفه ومعرفته، وبما أن النبوة والإمامة محمولة على الأنبياء فأقرب وسيلة سيستخدمونها هم الأنبياء، سيكون الأنبياء هم الوسيلة التي سيمُررون بها تلك الولاية للعالم، نظراً لأن العالم يُقدِّس الأنبياء فإن هذه الإمامة والنبوة ستكون مقبولة لديه كولاية ويعتبر قداستها قداسة الأنبياء، هكذا سيتم خداعه بهذه الطريقة وحينها يبدأ الصراع العالمي بسببها والكارثة الكُبرى هي أن كل هذا الصراع سيتم حسابه على دين الأنبياء، عندما يتم الدخول على العالم بولاية من الإمامة والنبوة وبثوب الأنبياء فإنه يكون قد دخل في ورطة وأزمة وجحيم من الصراع السياسي على تمثيل تلك الولاية وستُسفك الدماء ولن تكون نظرته لهذا الشيء إلا على أنه بسبب دين الأنبياء، لأن اعتقاد العالم وبحديثه عن دين واحد دون معرفة أن هناك دين آخر فإن كل الصراع والقتل سيكون محسوباً على الدين الحق وهذا الأمر يجب أن يُنظر فيه قضائياً ليتم استخلاص حقيقة تقول أن هناك دينان، دين الأنبياء المسلمون ودين الشياطين الكافرين، وإن كل دين له ولايته وإمامته وملته ودعاته وصراطه، لا يحسبن أحدٌ أن كل هذا الصراع من نواتج الدين الحق، إنما ذلك عمل دين الكافرين، الدين الحق لا يُكره الخلق عليه بينما دين الكافرين يُرغمهم على دخوله وتحت قوة السيف والسلاح، الدين الحق لا إكراه فيه ودين الكافرين فيه إكراه، فأيما اتسم بصفة إكراه الخلق على دخوله أو دفعهم إلى المجاهدة في سبيله فهو دين الكافرين، هكذا يتم وسم الدين كُلاً بخاصيته، فلينتبه العالم إلى أن مشكلته من دين الكافرين وأن المنهجية المُتبعة هي منهجية الكفر بالولاية التكوينية الشرعية وكل هذه الصراعات ليست ناتج إلا للتمسك بالولاية الاعتبارية التي هي دين الكافرين وإذا ما كان هناك حديث عن الإمامة والنبوة فليكن في حدود ضوابطها الشرعية فهذه الضوابط هي التي سيتبيَّن منها أنهما ليستا بدين وأنها ليست إلا تبعاً له، لهذا عندما يُنظر إليهما فليُطرح السؤال التالي وهو : من الذي شرع النبوة والإمامة ديناً؟؟ من الذي شرع الولاية الاعتبارية ومن بلغها ؟؟!! لقد شرعها إبليس ومررها بإسم الأنبياء وقام بتبليغها يهود بني إسرائيل ليكون إبليس هو المعبود ويكون اليهود هم الأرباب، في هذه الحال يكونون جميعاً قد خرجوا من دائرة التصنيف بالدين الحق.
