الورد السادس | من منزلة الصبر إلى منزلة الإيثار | من كتاب "الإكسير" خلاصة أعمال القلوب من مدارج السالكين لابن القيم تويتر | / _rewaa0 تلجرام | t.me/rewaa_0
﴿أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ﴾ صفة العارف بالله أن قلبه مراقبٌ لمعروفه، قائمٌ بين يديه، ناظرٌ بعين اليقين إليه، فقد سرى من بركة معرفته إلى الجوارح ما هذَّبها، فهذا الذي لا همَّ عليه في الدنيا ولا غمَّ عنده وقت الرحيل عنها، ولا وحشة له في القبر، ولا خوف عليه يوم المحشر . . ابن الجوزي
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم آمين يارب العالمين جزاك الله خير الجزاء في الدنيا والآخرة يا شيخنا الفاضل الكريم
ناصر الحميد | منزلة الصبر. مضمون اللقاء ذو مساحة واسعة والمعلومات متوفرة لمن يتتبعه في كتاب الله وسنة الرسول ﷺ ولا يمكن لأحد الاستغناء عنها؛ فهي بمنزلة الطعام والشراب لكل واحد. الكلام عن الصبر بمقاماته الثلاثة لا يسع في هذا المجلس قصير الدقائق ولكن نتكلم عن شيء منه؛ لشدة حاجة الناس إليه. ثمة هناك شيء كل واحد يريده من الله، وهنا الصبر على قضاء الله وتجد الرسول ﷺ يقول لجبريل عليه السلام عن الإسلام: «... تؤمن بالقدر خيره وشره...» وكان هذا في نهاية حياة الرسول ﷺ حتى بعدما استقر الإيمان في قلوب الصحابة للتذكير والأيام دول بين الناس. عن علقمة، في قوله: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) قال: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى. ضع مليون خط تحت "فيعلم إنها من عند الله" تستحضر أنه قضاء، ومن أطاع؟ وآمن بالله؟ أصبح الابتلاء في حقه مزيداً من العطايا "يهد قلبه" وأصبح الصبر جسراً وأكثر إقبالاً على ربه. في غزوة الأحزاب: { ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ لما صعب عليهم الاختبار وكان بالغاً في الشدة؛ كان إيمانهم بالغ جداً في النمو والزيادة، فكان قول الله فيهم: فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ } زادهم قرب من الله وتعلق به، فكان الجزاء: { فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلࣲ لَّمۡ یَمۡسَسۡهُمۡ سُوۤءࣱ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضۡوَ ٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِیمٍ } ومن أمثلة ذلك: سيدنا إبراهيم عليه السلام وقصة ذبح إسماعيل عليه السلام. هل يستطيع أحد أن يؤذي ولده؟ فضلاً عن ذبحه وشارف إبراهيم ﷺ أن يذبحه وبنفسه صبراً على القضاء وهو محتسب من القضايا العظيمة أن ينزل عليك شيء من الابتلاء فتصبر ويكون يقينك بالله قوي واستحضارك لرحمة الله، أن عطاء الله سيكون أعظم مما تتخيل وأعظم من رجاءك! ومن الصبر هذا؛ كان وضعه زوجته وولده "هاجر وإسماعيل عليهما السلام" بوادي غير ذي زرع بدون حياة وبدون طرق تواصل ثم ينصرف. والحوار القصير الذي حصل بين هاجر وإبراهيم عليها السلام: «فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إسْمَاعِيلَ فَقالَتْ: يا إبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وتَتْرُكُنَا بهذا الوَادِي الَّذي ليسَ فيه إنْسٌ ولَا شَيءٌ؟ فَقالَتْ له ذلكَ مِرَارًا، وجَعَلَ لا يَلْتَفِتُ إلَيْهَا، فَقالَتْ له: آللَّهُ الَّذي أَمَرَكَ بهذا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَتْ: إذَنْ لا يضيعنا» قولها عليها السلام: «قالَتْ: إذَنْ لا يُضَيِّعُنَا» استحضار لمقام الله وعطايا الرب في بطن الامتحان! -وقلت أنا في رواية البخاري: نادَتْهُ مِن ورَائِهِ: يا إبْرَاهِيمُ إلى مَن تَتْرُكُنَا؟ قالَ: إلى اللَّهِ، قالَتْ: رَضِيتُ باللَّهِ فهل تنظرون إلى التسليم والرضا والتوكل؟ وكل هذا مرتبط بالصبر وأعلى درجاته!- ثم أكمل الشيخ: ومن هذه الكلمة زمزم ينبع حتى اليوم.. حسبك الله، فليس لك إلا الله يا عبد الله! مثال آخر: عندما أعد المشركين النار ليرموا بها إبراهيم ماذا قال وهو يراها تأكل بعضها بعضاً؟ قال: حسبنا الله ونعم الوكيل.. لو وثقت بالله وليس من باب الشك وليس من باب التجرية لله ولكن من باب اليقين؛ فسينجيك الله. لم يكن خطاب الله لإبراهيم، لم يكن خطاب الله للأرض أن تبتلع النار، لم يكن للسماء أن تمطر وتطفئ النار، ولكنه كان للنار نفسها! { قُلۡنَا یَـٰنَارُ كُونِی بَرۡدࣰا وَسَلَـٰمًا عَلَىٰۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ } هِيَ الأَيّامُ وَالعِبَرُ وَأَمرُ اللَهِ يُنتَظَرُ أَتَيأَسُ أَن تَرى فَرَجاً فَأَينَ اللَهُ وَالقَدَرُ مثال آخر: قلّب الصفحات في بلاء سيدنا أيوب عليه السلام؛ فقد كل شيء؛ ولده وزوجته وماله وصحته وعافيته! ثم إذ به يستحضر مقام ربه ولطف خالقه وهو ينزل عليه من البلاء ما لو نزل على الحديد لأزابه وإذ به عليه السلام يقول: { ۞ وَأَیُّوبَ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرۡحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ } ما استحى أحد من ربه إلا رزقه أضعاف مما يتخيله، وسيفاجئه الله بالفرج وسيجعل الله بعد عسرِ يسراً. لك أن تتخيل قول الله عن يعقوب عليه السلام: { وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ وَقَالَ یَـٰۤأَسَفَىٰ عَلَىٰ یُوسُفَ وَٱبۡیَضَّتۡ عَیۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِیمࣱ من الشدة الوجع والهموم والحزن تحول سواد عيناه لبياض شاب جسمه ولكن لم يشب إيمانه، فكان قوله: {وَلَا تَا۟یۡـَٔسُوا۟ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا یَا۟یۡـَٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ } هي الأرواح المعلقة بالله سبحانه وتعالى.. الحديث ليس عن الصبر من حديث كونه صبراّ ولكن كيف هؤلاء ما زالت قلوبهم تحوم حول عرش الله حتى في أثناء شدة البلاء وفي باطنه؛ هذا الذي جعل هؤلاء يلبسون ثياب الصبر. رجل امرآته عاقر وهو كبير في السن ثم ينادي نداءً خفياً وهو يستحضر هذا الابتلاء { قَالَ رَبِّ إِنِّی وَهَنَ ٱلۡعَظۡمُ مِنِّی وَٱشۡتَعَلَ ٱلرَّأۡسُ شَیۡبࣰا وَلَمۡ أَكُنۢ بِدُعَاۤىِٕكَ رَبِّ شَقِیࣰّا } هذه الكلمات التي تصعد للسماء مع استحضار أن فرجك بيد الله وسبحان الله إذ الله يعطي زكريا الولد لدعاءه هذا... وربما يظن أحدهم أن هذا اصطفاء من الله لأنبيائه وهذه ليست قاعدة مُطردة فكم من رجل صُب عليه الابتلاء في زمننا هذا؛ فكان ينبت في قلبه كالزوج البهيج والأمل بالله والتفاؤل. مثال آخر: ويذكر الشيخ قصة رجل يعرفه شخصياً: رجل أصيب بالسرطان ولم يستطع الطبيب أن يخبره.. فسأل المريض: إيش في؟، قال الطبيب: فيه ورم، قال المريض: بس؟ طيب الحمدلله رضينا بالله ربا، قاله الطبيب: الورم ليس حميداً، قاله: وإن كان! رضينا بالله ربا قاله الطبيب: الموضوع كبير جدا!، قاله: وإن كان، أليس هو من الله؟ سبحان الله ويقول الطبيب أنه لم يجد مثله في ثباته وثقته بالله السؤال الذي يجب أن نسأله لأنفسنا: كيف تكون هادئ النفس عند الابتلاء؟ الإجابة المختصرة جداً جداً جداً: «تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» مُلخص بتصرف.
ابراهيم عليه السـلام تعرض للإبتلاء عندما ترك ولده فلذة كبده وهو رضيع وقد رزقه الله اسماعيل بعد طول عمر وهذا إمتحان في البداية ماأعظم هذه القلوب المتعلقة بالله بكل حدث يارب اكتب لنا صبرًا ندخل فيه الجنة فنحن ضعفاء بدونك أقوياء بك وليس لنا حيله إلا بك يارحمنٰ
💫يا صاحب القرآن إذا أقبلت على وردك اليومي لا تزاحم لحظاته الثمينة بالنظر إلى ما سواه.. 💫إنّ كل ما نراه حولنا من ضجيج الحياة، سيخبو ويتلاشى عند أول ليلة في قبورنا.. ويبقى نور القرآن يؤنِس وحشتنا في الدنيا والآخرة. .