أحمد عصيد.. رؤية جديدة للاختلاف في المغرب - من التنافر إلى التكامل 

أحمد عصيد: رؤية جديدة للاختلاف في المغرب - من التنافر إلى التكامل
طرح المفكر المغربي أحمد عصيد رؤية عميقة ومتجددة لمفهوم الاختلاف في المجتمع. يأتي هذا الطرح في وقت يشهد فيه الفضاء العام المغربي تصاعداً في حدة الخطاب، خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، مما يهدد بتقويض أسس الحوار الوطني البناء.
يبدأ عصيد بتشخيص دقيق للواقع، مشيراً إلى أن المجتمع المغربي يواجه تحديات عميقة في التعامل مع الاختلاف. فبدلاً من النظر إليه كمصدر ثراء وتنوع، غالباً ما يتم التعامل مع المختلف بطرق سلبية متعددة. فتارة يُنظر إليه نظرة دونية، وتارة أخرى يُعتبر خارجاً عن النسق المجتمعي، وفي أحيان كثيرة يُتهم بالتآمر على الوحدة الوطنية.
يلفت عصيد الانتباه إلى ظاهرة مقلقة تتمثل في تحويل الاختلاف إلى مادة للإثارة الإعلامية، مما يؤدي إلى تسطيح النقاش العام وتحويله إلى ما يشبه الفضيحة بدلاً من كونه فرصة للحوار البناء. كما يشير إلى وجود خوف عميق من المختلف، باعتباره تهديداً للمصالح القائمة والتوازنات الاجتماعية.
في مواجهة هذه التحديات، يقترح عصيد منهجية شاملة لإعادة النظر في مفهوم الاختلاف وكيفية التعامل معه. يدعو أولاً إلى إعادة تعريف مفهوم الهوية الوطنية، مؤكداً على ضرورة النظر إليها كصيرورة متطورة وليست كياناً جامداً. فالهوية، في نظر عصيد، تتشكل وتتطور عبر التفاعل مع الآخر المختلف، وليس بالانغلاق والانعزال.
ويشدد المفكر المغربي على أهمية الانتقال من مجرد التسامح مع المختلف إلى مرحلة أكثر تقدماً وهي الاعتراف به. فالتسامح، وإن كان خطوة إيجابية، إلا أنه لا يكفي لبناء مجتمع متماسك. المطلوب، حسب عصيد، هو الاعتراف بالآخر المختلف كشريك كامل في المجتمع، له حقوقه وعليه واجباته، وله دور أساسي في بناء المشترك الوطني.
كما يولي عصيد أهمية كبيرة لدور النظام التربوي في تشكيل وعي الأجيال الجديدة. ويرى أن المنظومة التعليمية الحالية تحتاج إلى إصلاح جذري لتعزيز قيم الحرية والاختيار والحق في الاختلاف. فبدلاً من السعي إلى تنميط الطلاب وصبهم في قالب واحد، يجب أن يهدف التعليم إلى تنمية الشخصية الفردية وتعزيز القدرة على التفكير النقدي واحترام التنوع.
ولا يغفل عصيد عن دور الإعلام في تشكيل الوعي العام. ويدعو إلى تطوير الخطاب الإعلامي ليعكس تعددية الآراء ووجهات النظر. فالإعلام، في رأيه، يجب أن يساهم في تكوين مواطن قادر على النظر للقضايا من زوايا متعددة، وليس مجرد متلقٍ سلبي لوجهة نظر أحادية.
وفي المقابل، يلفت عصيد الانتباه بشكل خاص إلى ظاهرة العنف اللفظي المتفشية على منصات التواصل الاجتماعي. ويرى أن هذه الظاهرة هي نتيجة مباشرة لسوء فهم الحرية وغياب التربية على ممارستها بمسؤولية. ويدعو إلى ضرورة تربية الأجيال الجديدة على احترام الاختلاف واستخدام الحرية بشكل بناء، بما يعزز الحوار وليس الصراع.
ويؤكد عصيد أن قبول الاختلاف وتحويله إلى قيمة مضافة هو أساس بناء المشترك الوطني. ويرى أن قوة المغرب في المحافل الإقليمية والدولية تبدأ من تماسكه الداخلي وقدرته على إدارة تنوعه بشكل إيجابي. فالمغرب، في نظره، لا يمكنه أن يلعب دوراً استراتيجياً على المستوى الدولي إذا كان بيته الداخلي غير مرتب.
وفي ختام طرحه، يشدد عصيد على أن الاعتراف بالاختلاف وتقديره ليس ترفاً فكرياً، بل هو ضرورة وطنية لبناء مغرب قوي ومتماسك. إنه يدعو إلى ثورة فكرية في التعامل مع الاختلاف، ثورة تحول التنوع من مصدر للصراع إلى طاقة للإبداع والتقدم. وبهذه الرؤية الشاملة، يفتح عصيد آفاقاً جديدة للنقاش حول مستقبل المجتمع المغربي، داعياً الجميع للمساهمة في بناء وطن يتسع للجميع، ويستفيد من تنوع أبنائه لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
“فبراير.كم” إنه صوت الجميع. إنه عنوان الحقيقة كما هي بدون رتوش. الرأي والرأي الآخر.
تابعونا على:
Official Website | www.Febrayer.com
Facebook | / febrayer
instagram: / febrayer
#بارطاجي_الحقيقة