نظمت مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث في مدينة الرباط، ندوة علمية تحت عنوان: الحداثة دلالة ومشروع، تخللتها ثلاث جلسات، توزعت يومي السبت والأحد الموافقين لـ 26 و27 أكتوبر2013 إلى مداخلات مسبوقة بكلمة افتتاحية للسيد محمد العاني، المدير العام للمؤسسة.
تناولت الجلسة الثانية موضوع، نحن والحداثة، وترأسها الأستاذ منتصر حمادة، حيث حاضر الدكتور إبراهيم مشروح، أستاذ المنطق بدار الحديث الحسنية، في موضوع من روح الحداثة إلى روح الدين : طه منازعا كانط، إذ افتتح ندوته بمقولة كانط في ما الأنوار 1784 "ها أنذا أسمع هتافات تأتيني من كلِّ حدْبٍ وصوب: لا تتعقَّل ! يقول الضابط : لا تتعقَّل، أطع الأوامر! يقول الجابي: لا تتعقَّل، ادفع ! يقول الراهب: لا تتعقَّل، آم[...] في جميع هذه الحالات، ثَمَّة حدٌّ من حرِّيتي"
أشار الدكتور مشروح إلى أنه لا مندوحة من سبر الأطروحات الفكرية الأساسية لطه عبد الرحمن بـمسبار يستقصي فيه الغاية البعيدة لمشروعه، يجد أن الرجل قد ظلَّ يُطاعن الحداثة في 'تطبيقها الغربي، ويسعى إلى تأسيس حداثة إسلامية؛ فهو لا يفتأ، في سعيه الذؤوب هذا، يرفع التحدِّي تلو التَّحدي، طالبا ترشيد المسلم كي يجترح سبيلا، غير سبيل التقليد والإتباع، فيبدع حداثته، جاهدا في تحقيق هذا الإبداع بالاستجابة إلى ما أطلق عليه طه روح الحداثة، لذلك طلب أن تستجيب الحداثة الإسلامية إلى هذه الروح القائمة على ثلاثة مبادئ، هي: مبدأ الرشد ومبدأ النقد ومبدأ الإبداع، ولهذا أقدم طه، على وجه جديد وغير مسبوق بشَّر به في كتابه الموسوم بـ: روح الحداثة، على تقديم ما اعتبره''مدخلا إلى تأسيس الحداثة الإسلامية''، لكنه سرعان ما غير المعترك، وصار يرادف بين الحداثة الغربية والعلمانية (الدُّنيانية) ليقابلها بالائتمانية، واسماً الأولى بالضيق، والثانية بالسّعة : فهل يمكن أن نقرأ كتاب روح الدين الذي أصدره طه عبد الرحمن بعد روح الحداثة، على اعتبار أنه يواصل فيه التأسيس لحداثة إسلامية تستجيب لمقتضيات المبادئ التي تجسد ما أطلق عليه روح الحداثة؟
ختاما، أشار المحاضر استنادا إلى موقف فيورباخ في تحديد عالم ديني هو موضوع التمثُّل، وعالم زمني؛ وجب علينا أن نعني أن عودة طه، روح الدين وعودة الدين، كالعودة الحالية إلى الدين في الفكر الغربي التي يعزوها البعض إلى عدم حسم الصراع الأصلي الديني- العلماني خصوصا أمام انهيار الأنظمة الأشد خصومة للدين: الشيوعية.
5 окт 2024